طلال سلمان

كل رمضان والعرب بخير..

كان ضروريا أن يسقط اكثر من 250 شهيداً ومعهم حوالي الفي جريح امام السور المكهرب الذي اقامته سلطات الاحتلال الاسرائيلي ليفصل غزة هاشم عن وطنها الفلسطيني، لكي يتحرك بعض التنظيمات الدولية ذات الشعار الاسلامي في تظاهرة تأييد سياسي للقضية المقدسة.. لن توقف الحرب الاسرائيلية ـ بطبيعة الحال ـ ضد اصحاب الارض المقدسة.. المحتلة،ولكنها افضل من الاكتفاء بالفرجة على مشهد تساقط الشهداء.

وكان ضروريا أن تتم هذه المذبحة الاسرائيلية ضد شعب فلسطين في غزة، لكي تتكرم السلطات في مصر فتقرر فتح معبر رفح طوال شهر رمضان المبارك امام الفلسطينيين الراغبين في الخروج من القطاع المحاصر، سواء لمعالجة جروحهم او لكي يؤدي ـ من يرغب ـ العمرة في شهر رمضان المبارك..

لم يتحرك الشارع العربي من تطوان إلى صنعاء، مروراً بدمشق المشغولة بجراحها، إلى بغداد المشغولة بخطر التقسيم العنصري والمذهبي كنتيجة لحكم الطغيان الذي انتهى بفتح ارض الرافدين امام الاحتلال الاميركي معززاً ببعض حلفائه البريطانيين وغيرهم..

ظل هذا الشارع مجمداً في مكانه، اخرس لا ينطق، وان كان الوجع يعتصره، والافتقار إلى القيادة المؤهلة يغيبه عن الفعل ولو بالتظاهر واعلاء الصوت برفض هذا الإجرام الاسرائيلي المتمادي والذي لا يمكن أن يوقفه الاستنكار المغلف بالدبلوماسية.

سهل في مثل هذه الاحوال أن تطلب انقره من تل ابيب سحب السفير الاسرائيلي مبقية فيها القائم بالأعمال، بينما دول عربية تفتح ابوابها امام وزراء إسرائيليين، كما دولة الامارات (بعنوان دبي) ودول أخرى كما البحرين ترسل وفوداً للاطمئنان إلى سلامة الاماكن المقدسة في فلسطين المحتلة.

لم تعد فلسطين وحدها ارضاً عربية محتلة.. ففي العراق الآن مجموعة من الجيوش الغربية تحتل “ارادته”، تحت العلم الاميركي / وتؤثر في قراره الوطني..

كذلك فان في سوريا إضافة إلى جيش الحليف الروسي في طرطوس وقاعدة حميميم الجوية، قوات ايرانية صديقة يساندها مجاهدو “حزب الله” اللبناني… وفي الشرق، عند اطراف دير الزور، امتداداً إلى الرقة قوات عسكرية اميركية يحرسها الطيران الحربي، بينما تتسلل بعض القوات الفرنسية، مستفيدة من فوضى السلاح إلى الشمال مستظلة بقوات الاحتلال التركي التي غزت “عفرين” بذريعة القضاء على “التمرد الكردي” فيها، ثم تمددت في اتجاه ادلب وبعض الشمال السوري المطل على الشاطئ..

..وبعض اليمن تحتله السعودية والامارات بقوات من المرتزقة وصلت إلى جزيرة سوقطره، ثم اضطرت إلى الجلاء عنها، جزئيا، خاضعة لأمر القيادة السعودية التي اعتبرت هذا التصرف الارعن تجرؤاً على “ولي الامر”..

أما لبنان فهو تحت العين الاميركية، بقاعدة عسكرية في حالات وسفارة جديدة تتسع لأكثر من قاعدة.

وأما مصر فتكاد تتحول إلى “محمية” أميركية، اقتصادياً ومن ثم سياسيا، وجيشها يشابه القوات العسكرية ـ الاميركية في ملابسه وتدريباته وبعض مطارداته للإرهابيين في سيناء وبعض الصعيد، بل واحياء الفقراء في القاهرة..

لا ضرورة للحديث عن “المشاع الليبي” الذي تتقاسمه “الدول” قريبها والبعيد، والعصابات المسلحة، وبعض الاخوة الاشقاء الطامحين إلى دور استعماري مستجد بأفضال ثروتهم من الغاز والنفط (قطر والامارات) فضلاً عن الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين وكل من يغريه الفراغ.. بالمشاركة في الوليمة.

أما تونس فتعيش قلق الثورة الناقصة في الجمهورية ذات التجربة البورقيبية العريقة التي يصعب عليها أن تجدد نفسها كما يكاد يستحيل تجاوزها وخلعها… لذلك فهي تهتز، ولكنها لا تسقط في ظل “اسلام” يحاول عصرنة نظرته إلى الدولة، وتجربة ديمقراطية قد لا تكون كاملة ولكنها افضل من المعروض..

فأما الجزائر فتنتظر مصير رئيسها الذي ليس حياً فيرجى وليس ميتا فينعى… وهو ما زال حتى اللحظة اقوى الضعفاء نتيجة مساندة القيادات العسكرية له، خصوصاً وان وجوده فوق كرسي متحرك يتيح لها أن تكون صاحبة الكلمة الفصل في الشؤون الداخلية..

يبقى المغرب، وهو بعيد بما يكفي لكي يحفظ العرش العلوي استقراره مستفيداً من طلاب الراحة من اصحاب الالقاب المذهبة الذين يقصدون هدوءه الملكي للاستجمام والتنقل بين البحر المتوسط وبحر الظلمات، كما سمى الاقدمون المحيط الاطلسي..

******

رمضان كريم..

وكل عام والعرب، او ما تبقى منهم يلتزمون موجبات عروبتهم بخير..

تنشر بالتزامن مع السفير العربي

Exit mobile version