طلال سلمان

قمة في نفق نتنياهو..

لا أحد يدري كم سيتبقى من اتفاق أوسلو بعد »القمة« الطارئة التي استدعى إليها الرئيس الأميركي زعيم التطرف الإسرائيلي الحاكم وعرفات الحكم الذاتي، ومعهما »الشريك المضارب« الملك حسين.
فكل محاولة لإنقاذ هذا الاتفاق الذي وُلد »أشوه« كانت تنتهي بإنقاص مضمونه الناقص أصلاً والعاجز عن تلبية الحد الأدنى من مطامح الفلسطينيين إلى حقهم في أرضهم.
بل إن المحاولات المتعددة للإنقاذ كانت تؤكد صحة ما قاله فيه الرئيس السوري حافظ الأسد »إن كل سطر في هذا الاتفاق بحاجة إلى اتفاق«، والاتفاق على الاتفاق مكلف فلسطينياً لأنه يخصم من حصة الأضعف.
ومن قبل أن يصل بنيامين نتنياهو إلى الحكم، باسم التطرّف الإسرائيلي، كان اتفاق أوسلو يعاني من أزمة قلبية حادة تهدده بالسقوط، في أي لحظة، في ظل حكومة »الاعتدال« الإسرائيلي ممثلاً بإسحق رابين ثم شيمون بيريز.
وعلى امتداد السنوات الثلاث من عمر اتفاق أوسلو، بين 13 أيلول 1993 واليوم، استدعى إنقاذه مجموعة من »القمم« الثنائية والثلاثية والخماسية، إضافة إلى مسلسل من اجتماعات »الدول المانحة« وعدد لا يحصى من الجراحات التجميلية وجرعات الأوكسجين الاستثنائية.
تكاثرت عمليات الإنقاذ وتفاقمت، في الوقت نفسه، حالة الاجتياح الاستيطاني الذي يذهب بالأساس الواهي لهذا الاتفاق البائس، قبل أن تضاف إليها حالة حصار التجويع والاعتقال الجماعي والإذلال اليومي والتهديد بإعادة احتلال منطقة الحكم الذاتي، وكأنما الاحتلال قد خرج بالفعل منها، ثم إرجاء البحث في استكمال التنفيذ، وشطب القدس عن جدول الأعمال إلخ..
ماذا ستنتج »قمة« واشنطن الطارئة التي تنعقد في نفق نتنياهو؟!
واهم من يتوقع أن يرجع عرفات بنتائج حاسمة أو مرضية بحيث تعوّض الدم المسفوح على أرض فلسطين، كتسريع التنفيذ (إخلاء الخليل والخروج من باقي أنحاء الضفة وفتح النقاش!! في مصير القدس إلخ)..
فلا اللحظة السياسية مناسبة (أميركياً) لانتزاع »تنازل« من نتنياهو الذي جعل »النفق« سقفاً لهذه القمة المحكومة بضحالة النتائج، ولا شراكة الملك حسين تطمئن، ولا خاصة غياب الرئيس المصري حسني مبارك.
الخوف أن تزيد القمة صورة في ألبوم عرفات، وأن تزيد نقطة في رصيد كلينتون الانتخابي، وأن توفر المخرج السياسي لتطرّف نتنياهو على حساب الفلسطينيين، ثم لا شيء بعد ذلك غير محاولة الاتفاق على الاتفاق الذي يحتاج كل سطر فيه إلى اتفاق، والذي لا يعيش إلا بسلسلة لا تنتهي من المعجزات التي يدفع ثمنها الفلسطينيون من دمائهم كما من حقهم في أرضهم التي تتناقص كل يوم، حتى ليمكن الافتراض أنهم لن يجدوا فيها شيئاً ساعة المباشرة في التنفيذ الجدي لاتفاق أوسلو غير القابل للتنفيذ.
وقد يعتبر عرفات أن مجرد دعوته إلى واشنطن انتصار له،
لكن السؤال الكبير عن العودة وكيف ستكون وبماذا ستجيء لذوي الشهداء في غزة والضفة الغربية وسائر فلسطين.

Exit mobile version