طلال سلمان

“قطاع غزة العظمى” في مواجهة أميركا والعالم

غزة ـ حلمي موسى

الشمس تطلع من جديد. خجولة على غير عادتها تختفي وتظهر من وراء خمار السحب التي تغطى سماء غزة. شمس الحق والحقيقة ستشرق رغم أنف الأعداء.

شراكة أميركا في الحرب على غزة ليست ادعاء ولا زعما. أميركا تقر بأنها شريكة وإسرائيل تقر بأنها شريكة. والرئيس الأمريكي بذاته حضر اجتماع كابينت الحرب الإسرائيلي، كما أن وزير خارجيته حضر مرارا اجتماع كابينت الحرب وقال أنه يتصرف كيهودي.

ورغم أن أميركا أعلنت إرسال حاملات طائرات وبوارج وغواصات وأن طائراتها تنقل إلى إسرائيل يوميا شحنات ثقيلة من القذائف والاسلحة والذخائر والاعتدة، إلا إنها لا تكتفي بذلك بل تعلن أنها شريكة في التخطيط والتدبير والفعل.

واليوم نقل المراسل السياسي لموقع “والا” ولموقع “أكسيوس” الأمريكي، باراك رافيد، عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم أن إدارة بايدن أرسلت جنرالات لتقديم المشورة العسكرية للقوات الإسرائيلية عند دخول غزة.

وكشف أن نائب قائد المارينز (مشاة البحرية الأمريكية) الجنرال جيمس جلين، وضباطا أمريكيين آخرين يتواجدون في إسرائيل ويقدمون المشورة لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي.

وأشار إلى واقع أن حقيقة إرسال أمريكا لضباط كبار لتقديم العون للجيش الإسرائيلي في الحرب، لم يسبق لها مثيل وتظهر عمق التدخل الامريكي في السياسة والخطط العملياتية الإسرائيلية في كل ما يتصل بغزة.

وأضاف رافيد أن إدارة بايدن أرسلت لإسرائيل جنرالا من المارينز وعدد من كبار الضباط الآخرين لتقديم العون لهيئة الاركان الاسرائيلية في كل ما يتصل بالاستعداد للعملية البرية في غزة، وفق ما قال اثنان من كبار المسؤولين الامريكيين واثنان من كبار المسؤولين الإسرائيليين.

وأوضح مسؤول كبير إسرائيلي أن الجنرال الأمريكي الأرفع مرتبة الذي تم ارساله إلى إسرائيل وهو الجنرال جيمس جلين الذي خدم في الماضي كقائد العمليات الخاصة في المارينز وكان ضالعا في الحرب ضد داعش في العراق.

وأشار إلى أن الجنرال جلين وكبار الضباط الامريكيين الآخرين الموجودين في إسرائيل ليسوا ضالعين في إدارة العمليات الحربية للجيش الإسرائيلي وإنما يقدمون المشورة ويساعدون في تحسين الخطط العملياتية للجيش الإسرائيلي قبيل الدخول البري إلى غزة عبر استخدامهم للدروس المستخلصة من العمليات الامريكية في الحرب ضد داعش في مدينة الموصل في العراق.

وقالت مصادر لـ”والا” أن الجنرال جلين يتواجد في إسرائيل بشكل مؤقت فقط وهو ليس مفترضا أن يبقى ويرافق الدخول البري إلى غزة. ونقل رافيد عن ناطق باسم وزارة الدفاع الامريكية قوله: “طلبنا من عدة ضباط ذوي خبرة في مساعدة قادة الجيش الإسرائيلي على التفكير في الاسئلة الصعبة التي سيواجهونها وفحص مختلف الخيارات للعمل. وكما هو الحال دائما، الجيش الإسرائيلي هو من يتخذ القرارات بنفسه”.

وأكد الناطق بلسان البيت الأبيض وجود الضباط وقال في الايجاز اليومي للمراسلين: “هناك عجج من الضباط الأميركيين ذوي الخبرة في العملية التي يقوم بها الإسرائيليون. وهم موجودون هناك للتعاون مع الإسرائيليين في رؤيتهم ولعرض أسئلة صعبة، هي الاسئلة ذاتها التي نوجهها للإسرائيليين منذ اليوم الأول”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي بلينكن قال أمس في مقابلة مع شبكة CBS أن إدارة بايدن تجري مباحثات مع إسرائيل بشأن الخطط العسكرية المتعلقة بغزة وحول السؤال عن أفضل طريقة عمل لتحقيق الغايات التي تريدها إسرائيل. وأضاف: “نحن نقدم لهم أفضل ما لدينا من نصائح. وما يهمنا ليس فقط ما يفعلون وإنما أيضا كيف يفعلون ذلك، خصوصا في ما يتصل بحماية أرواح المدنيين الذين قد يقعون على خط النار”.

كما ذكر موقع “والا” نقلاً عن الوزير إسرائيل كاتس وهو من أبرز قادة الليكود، “أننا نخوض الحرب العالمية الثالثة في مواجهة إيران والاسلام المتطرف”. وأضاف أن “ما يجري حاليا هو معركة محدودة، ونحن مستعدون لمواجهة توسعها، فمن يهدد في النهاية سيعمل. ودورنا هو فرض الأمن في كل مكان. هناك تشكيلة اعتبارات شاملة. ولن يكون وضع نقبل فيه بانعدام الأمن في الشمال”. وانتهى إلى القول: “نحن نخوض حربا عالميا ثالثة في مواجهة إيران والاسلام المتطرف. نحن وأيضا أوروبا والجميع. ينبغي لنا أن نهزمهم ونحن سنفعل ذلك”.

القطار الجوي الأمريكي لإسرائيل لا يحوي فقط قنابل وأسلحة وأعتدة ومليارات من الدولارات، وإنما رؤساء الدول من أتباع أمريكا والسائرين على خطاها.

وقد بكى الرئيس ماكرون على أرواح الشباب الذين قتلتهم حماس كما قال، ونتنياهو أكد له أن إسرائيل لن تقبل ببقاء “داعش” على حدودها واصفا حماس بأنها داعش تحتل باريس.

وبعد كل من وصل من أمريكا وألمانيا وبريطانيا وايطاليا واليونان وقبرص وفرنسا يصل قريبا مستشار النمسا ورئيس حكومة التشيك كل هؤلاء لرفع الروح المعنوية لإسرائيل في مواجهة غزة.

كل هذا العالم يساند إسرائيل التي كانت إلى وقت قريب تعتبر نفسها أقوى دولة في المنطقة حتى حدود الهند، وهذا ما يرسخ أسس العنصرية عند الغرب المتوحش تجاه كل الشعوب الأصيلة على أرضها في مواجهة الاستعمار.

أما وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين فقد أعلن أنه لن يلتقي بالأمين العام للأمم المتحدة بعد تصريحاته. وأضاف أنه “بعد 7 أكتوبر لا مجال للمقاربات المتوازنة. وينبغي إزالة حماس من هذا العالم”. وأضاف كوهين موجها حديثه لغوتيرتش: “سيدي الامين العام، في أي عالم تعيش؟ على ما يبدو ليس في العالم الذي نعيش فيه”.

أما الرئيس التركي أردوغان فقد أبلغ الرئيس بوتين في مكالمة هاتفية أن صمت الغرب يزيد من تردي الوضع الانساني في غزة. واضاف أروغان أن “الوحشية تجاه الاراضي الفلسطينية” تفاقم خطورة الوضع وأن المدنيين يقتلون على مدار الساعة. وكرر أردوغان أقواله بأن أنقرة ستواصل العمل من أجل تحقيق الهدوء في المنطقة.

وفي تقرير لموقع القناة الثانية عشر في التلفزيون الإسرائيلي عن خريطة المصالح الدولية في حرب غزة، فقد تمت الإشارة فيه إلى أن كل دول المنطقة فوجئت من الدعم الامريكي الهائل لإسرائيل. وأنه قبل بدء الحرب كانت الصورة البادية هي أن أمريكا تتخلى عن المنطقة، غير أن هذه الصورة تغيرت.

وحسب التقرير فإن إيران بنت على مر السنين محورا هاما من قوات أعدت لتهديد إسرائيل. إلى جانب ذلك وعلى خلفية المشاركة الامريكية الكبيرة، من المشكوك فيه أن تعرض نفسها حاليا لخطر حرب واسعة والزج بحزب الله للمعركة.

وفي نظر التقرير فإن قطر وهي دولة صغيرة وفائقة الثراء، أفلحت بدهاء شرير في أن تغدو عنصرا بالغ الأهمية. ورغم قلة التعاطف معها، فإن كل من يريد التقدم بخطوات سياسية في المنطقة مضطر للمرور عبرها.

أما السعودية ودولة الامارات، وهما دولتان حسب التقرير حولوا إسرائيل من عدو إلى شريك، يفضلان في قرارة نفسيهما رؤية حماس وقد اختفت عن خريطة الشرق الأوسط.

أما مصر والأردن، حيث تربى الجمهور فيهما على العداء للصهيونية، فإن زعيميهما يسمحان للجمهور بالتنفيس عن نفسه. ومع ذلك فإن كلتا الدولتين تخشيان جدا من حماس، وبشكل مستتر تفضلان رؤيتها مضروبة.

وأشار التقرير إلى أن العامل ربما الأشد تأثيرا على مواقف جول الشرق الأوسط بشأن الحرب، كما الحال في دول أخرى هو التدخل الأمريكي الواسع.

ويرى البروفيسور عوز رابي رئيس مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، أن الصورة البادية أمام أنظار كل اللاعبين في المنطقة عشية هجوم حماس الارهابي هي أن أميركا تترك المنطقة. ومن وجهة نظر دول كثيرة، بدا الأمريكيون وكأنهم غير معنيين بالشرق الأوسط، وكانت أسئلة كثيرة بشأن دراسة ضلوعهم.

وقال البروفيسور رابي: “جميعهم، خصوصا السعوديون، تذكروا ما جرى في سبتمبر 2019، عندما شنت ميليشيات موالية لإيران هجمات على حقول النفط السعودية، الأمر الذي لم يستدع أبدا أي رد فعل من جانب حليفتها أميركا”.

وحسب كلامه فقد فهمت كل دولة أن عليها أن تعيد دراسة خطواتها في أعقاب الدعم الأميركي الهائل لإسرائيل بعد الهجوم. وأضاف: “من لحظة وصول حاملات الطائرات، اختلطت الأوراق، وكل دولة بدأت في إعادة التفكير من جديد”.

Exit mobile version