الألوهة لا تلغي الحب بل ان الآلهة تتجمل بالحب ولعلها تبرر به وجودها ودورها وتضمخ نفسها بعبقه لكي تتأنسن.
وظالم ذلك الذي اخترع للغضب والشر والغيرة والحسد والبغض ”إلهة” تصب ويلاتها على الناس فتحيلهم إلى وحوش كاسرة في غابة مقفلة.
هنا مختارات من قصائد حب إلهية، نظم معظمها شعراء مجهولون ووضعوها على ألسنة ”آلهة” أرضنا الطيبة هذه. لقد اختلفت الأزمنة وتعاقبت شعوب كثيرة، ترجع بمعظمها إلى أصل واحد، فوق هذه الأرض من النطوفيين إلى الأكاديين والكلدان والآشوريين والسومريين والبابليين والكنعانيين والفينيقيين بطبيعة الحال..
وبرغم تعدد الآلهة وتسمياتها، فإن معظم تلك الشعوب كانت تؤمن بخالق واحد للكون وإن تعددت أسماؤه: ”عل ايل إله الله”.
بطل القصائد هنا ”دموز تموز أدونيس” وحبيبته المخلدة ”أنانا عشتار عشتروت”… والكهنة هم الكهنة، كذلك العرس، ويبقى اختلاف الأدوار قاصراً على التفاصيل.
* * *
“ أنانا ملكة الأرض كلها
حين أحبت دموزي حباً عظيماً
فجّرت ماء الحياة لأجل البشر
وأنبتت لهم أشجاراً في أنحاء الأرض جميعاً”
(نص سومري يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد)
“ أيتها السيدة، إن ثديك هو الحقل
الحقل الواسع الذي يحضن القمح
اسكبي لنا الماء والخبز”.
(دعاء بابلي إلى مصدر الخصب أنانا عشتار نص لشاعر مجهول (الألف الثاني قبل الميلاد)
“ في الليلة الماضية، وفي ما كنت أشع ضياء
وأرقص فرحاً،
وكنت أترنم بأغنية مع انبلاج الفجر
التقى بي دموزي
وضع يده في يدي، ثم ضمني إلى صدره”
. . . . . . . . . . . . . .
“ لقد استحممت من أجل دموزي
زيّنت عطفي وطليت بالعنبر ثغري
وصبغت بالكحل عيني
دموزي ضم خاصرتي براحتيه الواسعتين
وراح يلاطفني
عندئذ لاطفت سيدي
قدراً حلواً كتبت من أجله..”
. . . . . . . . . . . . . . .
“ أنانا استحممت وتطيبت بالزيت
لفّت جسدها بالطيلسان
زيّنت عنقها بحجر اللازورد
دموزي اقتحم الباب،
طلع في البيت مثل نور القمر
وحدق في عينيها يغمره الفرح
ثم ضمها إلى صدره وقبّلها”
. . . . . . . . . . . . . . . .
“ أيها العريس الحبيب الى قلبي
عظيمة هي المسرة في كنفك، حلوة كالعسل
لقد أسرتني، فها أنا أقف مرتعشة أمامك
حبذا لو حملتني إلى الخدر
أيها العريس، بودي لو أغتسل بالعسل
وفي الخدر أستمتع بحسنك المهيب
أيها العريس تعال ونم في بيتنا حتى الفجر
فأنا أعرف كيف أدخل السرور إلى قلبك
وأنت ما دمت تحبني
دعني أقبّلك”
(مقاطع من أشعار بعضها على لسان الكاهنات، معظمها يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد)
“ عسى أن يستمتع سيدي الذي دعوته إلى قلبك
بأيام طويلة وهنية في حجرك المقدس اللطيف
وعسى أن تمنحيه حكماً صالحاً وممجداً
وتمنحيه الصولجان وتاجاً وإكليلاً من المجد
عسى أن يمارس رعاية الناس كلهم”
(مقطع من دعاء كان يتلوه الكاهن بين يدي الكاهنة الزوجة ممثلة إنانا)
* هذه المقاطع مأخوذة بشيء من التصرف من كتاب ”مفهوم الألوهة في الذهن العربي القديم”، وهو واحد من سلسلة حاول فيها المؤلف الباحث المجتهد جورجي كنعان دحض الادعاءات اليهودية التي تنسب لنفسها ما كان توصل إليه أهل هذه الأرض من معتقدات توحيدية قبل ظهور اليهودية بزمن طويل.