طلال سلمان

قراءة لبنانية لاول تموز فلسطيني

بعد سنتين من »اتفاق أوسلو« يقف الفلسطينيون في العراء، »على المعبر«، لمحاولة استكمال المناقشة مع الإسرائيليين حول نصوص ذلك الاتفاق البائس الذي أنهى قضية وأضاع وطنù ولم يبنِ حتى مشروع »الكيان« الهزيل الموعود.
عشرات اللجان المشتركة، مئات اللقاءات وعلى المستويات كافة من أدناها إلى أعلاها وبالعكس، آلاف الساعات المهدورة في جدل عقيم، ولم يتحرك جندي إسرائيلي واحد من موقع احتلاله إلى الموقع الجديد المقرّر لتثبيت الاحتلال القديم.
مئات الضحايا، آلاف المعتقلين، عشرات آلاف المتظاهرين، ومسلسلات لا تنتهي من التصريحات والوعود والتعهدات المعززة بكفالة الضامن الأميركي، والمستقبل يبتعد في ليل الغموض الساجي لا يُعرف له باب ولا يمكن تحديد موعد لانبلاج فجره الجديد!
أطنان الصفحات المسطّرة، محاضر اجتماعات، أو مسودات مقترحات ومشاريع تسوية، وأنصاف حلول تتدرّج إلى أرباع فإلى أخماس وأسداس، ثم يخرج الجميع عن النص، فإذا لا مرجع للكلام ولا ضابط للمواعيد ولا ضمان للسلامة حتى تحت الاحتلال،
الانتخابات تكتيك، والقدس مناورة، وإعادة الانتشار حيلة شرعية لتثبيت الاحتلال، ووهم »الشراكة« يتبدّد كاشفù شراسة الهيمنة التي تتخذ الآن من الفلسطيني معبرù، مجرد معبر إلى غيره من العرب، من غير أن تدفع له رسم العبور أو السمسرة القانونية.
لا مفاوضة بعد التوقيع. مَن وقَّع وقّع، وبات عبرة لمن يعتبر.
وأول تموز الفلسطيني لم يكن الا موعدا مع الوهم.
وبالقراءة اللبنانية فإن هذا الموعد الخائب يؤكد حقيقة خالدة: لا يمكن ان تأخذ حقك من عدوك بالتنازل وبالتفريط وبتجميد حركة المقاومة للاحتلال. لا واشنطن تتذكرك او تسعى اليك بالحماية، ولا تل ابيب ستأخذها الشهامة فتبادرك بالجلاء ومساعدتك على اقامة »دولتك« على حساب دولتها التي تراها مؤهلة وقادرة ومتفوقة بما يكفي لتكون »مركز« المنطقة من اقصى المغرب الى ادنى المشرق.
لا مفاوضات بد التوقيع، ولا مجال لشن الحرب من أوسلو.
الحرب هي المفاوضات، من خسر فيها لم يعوض بعدها، ومن تساهل فيها لن يسترد ما تنازل عنه تحت عنوان »رد التحية بأحسن منها«.
ان اسرائيل تخوض حرب المفاوضات مع الطرف الوحيد المتبقي في ميدانها: السوري، ومعه اللبناني،
اما في داخل نطاق هيمنتها فلا مجال للتفاوض. انها الهيمنة وليس على الموقِّع غير الرضوخ… ولا بأس من تصريحات غاضبة ومن شيء من الاحتجاج الذي قد يصل الى حدود الاعتصام واعلان الصيام!
أقل من حركة مطلبية دون مستوى النقابة، ودائما تحت سقف النظام الاسرائيلي: بئس النهاية للذين باعوا حلم الثورة ومجد المقاومة بوهم السلطة من خلال حرس اضافي للاحتلال الاسرائيلي الباقي الى ان تولد فلسطين من جديد.

Exit mobile version