طلال سلمان

في وداع مصطفى ناصر..

تكتسب حياتنا قيمتها من انجازنا، وأحد عناوين الانجاز اصدقاؤنا، كباراً بنفوسهم، قبل الثروة والجاه والمناصب وبعدها.

وكلما خسرنا صديقاً أصابتنا الخسارة في قيمة حياتنا وجدواها، فخسارة الصديق خسارة في العمر وفي جدوى الحياة. انها تعني اقتطاعاً من الحياة لحساب العدم، ولا تغني الذكريات عن اصدقاء العمر ورفاق الدرب في مسالك الحياة صعوداً ونزولاً، نجاحاً وفشلاً واخفاقاً مر المذاق.

ولقد رحل رفيق العمر مصطفى ناصر من غير وداع، واختطفه منا القدر بينما هو يقاوم المرض بعناد المؤمن، ويحاول قهر “المكتوب” بالكتابة على صفحات جريدة أطلقها ليؤكد عشقه للحياة، وقدرته على العطاء، وليحقق حلماً عاش معه سنوات طويلة رافق فيها مشاريع صحافية لأصدقائه بينها الناجح وبينها الاقل نجاحاً.. ولم يكن اصحاب تلك المشاريع أكثر منه كفاءة وأعظم منه خبرة وهو يتسنم هرماً من الصداقات وعلاقات الود مع قادة كبار وكتّاب لا تمكن مقارنتهم بغيرهم.

الداخل إلى غرفة سماحة السيد حسن نصرالله، ناقل رسائل أو دليل طريق بينه وبين الرئيس الراحل رفيق الحريري، او شريكاً في الحوار والإخبار واستكشاف اسرار المستقبل مع “صحافي القرن” محمد حسنين هيكل.

الرجل الذي يعرف أكثر مما يجب عن البلاد العربية عموماً، وليس فقط عن لبنان وسوريا ومصر وإيران، بل كذلك عن السعودية وعن دولة الامارات ودبي تحديداً، حيث له في كل منها صهر اضافة إلى صهره اللبناني العائد من اغتراب موفق.

مصطفى ناصر، ابن تمنين في “بلاد بعلبك”، صهر بيروت، جواب الآفاق، الراقص فرحاً مع قرينته في افراح بناته،

مصطفى ناصر الصديق، الرفيق، الزميل، الذي كان يعتبره الكثيرون من اركان “السفير”، ولم ننكر هذه “التهمة” ولا هو أنكرها بل كانت مصدر اعتزاز لنا وله.

مصطفى ناصر غادرنا إلى الرفيق الاعلى بغير وداع.. وبعدما أصّر على خوض تجربة اصدار الزميلة “الاتحاد” برغم وعيه بخطورة وضعه الصحي.

تحية لهذا الفارس الشجاع، وهو يترجل ـ مرغما ـ قبل الاوان.

Exit mobile version