أطل على الحياة من باب المقاومة في ميدان فلسطين، وغادرها من دون ان يغادر إيمانه بالعروبة وترجمتها سياسياً في الوحدة.
.. ولقد ظل منتصب القامة، حتى حين أعوزه الكبر إلى عصا، وظل جمال عبد الناصر يسكن وجدانه كبطل للأمة وراية للتحرير، وفلسطين هي القبلة والوجهة.
ممدوح رحمون: الميدان، قلب دمشق وعنوان أصالتها ومنطلق تظاهراتها ثم عملياتها الفدائية ضد جيش الاحتلال الفرنسي. وكان بين جيرانه ميشال عفلق الذي هداه مناخ «الميدان» وزخم الحركة الاستقلالية، حاضنة العروبة بعنوان فلسطين، ورفيق دربه صلاح البيطار، إلى فكرة «البعث».
عاش فارساً لا يتصاغر، ولا ينافق سلطة طلباً لمنصب أو جاه.. وحين ضاقت عليه دمشق في زمن الانفصال جاء إلى بيروت موظفاً في شركة تأمين، وإن بقي المناضل فيه يقظاً يقاوم أي انحراف وأي فكرة مغلوطة تطرح حول العروبة وحتمية تحرير فلسطين بشرط الوحدة.
وفي سنواته الأخيرة ظل حريصاً على ان يزور آخر أصدقاء العمر، عبد الحميد السراج في القاهرة، ليستذكرا الزمن الجميل الذي عاشا أوله فرحا، وقدّر عليهما ان يعيشا معظم سنواته في انتظار الغد الذي لا بد من أن يأتي.
رحم الله فتى الميدان الذي لم تحنِ السنون إيمانه.
طلال سلمان