… ولكننا كنا ننتظر عودتك بالشوق واللهفة إلى الفرح، أيتها الوردة الجورية التي حباها الله جمالاً هادئاً وخلقاً رفيعاً ورغبة مفتوحة على المعرفة والمزيد من المعرفة وتجاوز الظروف الصعبة التي فُرض على العائلة أن تعيشها موزعة بين وطن يكاد يتحول إلى مهجر ومهجر يصعب أن يصير وطناً.
كنتِ ، يا ليا، على البعد قريبة، إذ بقي طيفك يرف على من غادرت من أهلك كما على رفيقاتك وأقرانك زملاء الدراسة «رفيف الأقحوانة في نداها». وكان أهل بيتك جميعاً صباياهم وفتيانهم قبل الكبار يتسابقون على مخاطبتك – على البعد – وإبلاغك تفاصيل التفاصيل حول ما يجري في البيوت والمدارس والجامعات.. وفي بيروت كما دير انطار والنبطية.
كنت تدخلين علينا في بيت عمك حسين كنسمة هواء منعشة تتقدمك ابتسامتك التي تعكس امتلاء قلبك بحب الناس كعنوان لعشق الحياة.
تحملتِ قرار البعد لمتابعة الدراسة بصبر المؤمن مع التعهد القاطع بالعودة إلى الأهل في الوطن، وقد حملتهم جميعاً في قلبك، فكنت هناك مثلما كنت هنا معهم، تتواصلين مع والدتك الصابرة ومع أبناء أعمامك وبناتهم على مدار الساعة، تحكين لهم حكايات المهاجرة ـ العائدة.
أيتها الوردة الجورية العائدة إلينا في كفن: سنحفظك في قلوبنا جميعاً..
ألهم الله أهلك جميعاً، ووالدتك المقيمة ووالدك البعيد، الصبر والسلوان.
ط . س .