طلال سلمان

في وداع أحمد شومان

لعل احمد شومان اكثر من تنطبق عليه صفة »نسيج وحده«، او »المفرد« الذي لا يشبه احداً غيره، ولا يشبهه احد.
بأسلوبه المتميز، والذي قد يصل بالطرافة الى مداها الاقصى، وبالسخرية الى حدود الجرح: لم يكتب حرفاً من خارج ما يعتقده في الناس كما في نفسه، في الافكار والعقائد السياسية كما في الشخصيات التاريخية.
…ثم بنمط حياته الخاص، اذ كان لا يقع في الصداقة او في الحب او في الكتابة الا بقرار ذاتي… لذلك فقد كان يعرف الجميع لكن اصدقاءه كانوا قلة مختارة.
كان يتهم بأنه »سوداوي«، وبأنه لا يرى من الكوب الا نصفه الفارغ، ولعله كان بسوداويته كقارئ الغيب بالنسبة للانظمة العربية والسياسات العربية عموماً.
قبل نحو ثلاث سنوات دخل عليّ احمد شومان مهللاً وهو يقول: لن تصدق! ولكن عازب الدهر قد تزوج! لقد وجدت المرأة التي استطاعت ان تقنعني، وأنا في هذا العمر، بأن تكون زوجتي، وبأن تحملني في كبري. انها فدائية!
كان سعيداً بأنه قد غادر، اخيراً، وحدته الأبدية، وانه »سيد حبه« نفسه لينسجم مع ما لم يتعود عليه، تقديراً لهذه المرأة النبيلة التي جاءت رحمة لتؤنس وحدته »في كبرتي«.
مع رحيل احمد شومان، الذي فرض الصمت على نفسه منذ زمن بعيد، لانه لم يعد يجد ما يليق بقلمه، تخسر الصحافة اللبنانية قلماً كان فريدا في طرافته، في قسوته، في نقده، لكن صاحبه الذي كان يفضل من الألوان الاسود، كان في اعماقه عاشقاً عظيماً للحياة.
رحم الله احمد شومان الذي قتله صمته.
÷ نعى نقيبا الصحافة والمحررين محمد البعلبكي وملحم كرم الزميل الراحل أحمد شومان، كما نعاه الحزب السوري القومي الاجتماعي وهو من مواليد بيروت عام 1921 درس في كلية المقاصد الاسلامية في بيروت والحقوق في جامعة القاهرة. بدأ حياته المهنية منذ عام 1945 في مجلة روز اليوسف وأخبار اليوم وعاد الى بيروت عام 1947 وعمل في جريدة كل شيء الأسبوعية ومن ثم في الجريدة وصدى لبنان والنهار والبناء وعدد آخر من المجلات. يصلى على جثمانه في جامع الخاشقجي قبل صلاة ظهر اليوم ويوارى الثرى في جبانة الشهداء وتقبل التعازي قبل الدفن وبعده في منزله الكائن في شارع عبد العزيز الحمرا مقابل بنك الموارد.

Exit mobile version