طلال سلمان

في صحافة العدو: عن الجبهة الشمالية والحرب الإقليمية

غزة ـ حلمي موسى

نشر موقع يديعوت أن بارجة حربية أمريكية أسقطت أمس أربعة صواريخ بعيدة المدى و15 طائرة مسيرة كانت في طريقها من اليمن إلى إسرائيل. ونقلت قناة CNN عن مصادر أمريكية قولها إن عمليات الاعتراض استمرت لمدة تسع ساعات وأن مسار الطائرات والصواريخ لا ريب فيه. وقد استخدمت البارجة صواريخ كارني الجوية المضادة لإسقاط الصواريخ.

وأشار المعلق العسكري ليديعوت، رون بن يشاي إلى أن الاطلاقات من اليمن هي رسالة لإسرائيل والأمريكيين أنهم جادون في وقف العملية الإسرائيلية. وقال أن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي قال ذلك صراحة هذا الاسبوع.

وهذه حاليا إشارة أساسا للأمريكيين: إذا كنتم لا تريدون حربا اقليمية ولكنكم ستخوضونها إذا لم توقفوا إسرائيل. وربط بن يشاي ذلك أيضا بالهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق.

وفق ما نشرت “يديعوت” عن مقالة شارك فيها مراسلها رونين بيرغمان الذي يكتب أيضا في نيويورك تايمز فإن الرئيس بايدن ومستشاريه رجوا إسرائيل أن تمتنع عن هجوم كبير ضد حزب الله، يمكن أن يخل الحزب في حرب غزة. وحسب نيويورك تايمز فإن أمريكا تخشى من أن “الصقور” في كابينت الحرب معنيون بتوسيع القتال في لبنان على خلفية الاطلاقات المتواترة نحو مستوطنات الشمال، وإطلاقات مضادة للدروع على الجيش الإسرائيلي ومحاولات تسلل أفضت إلى قتلى كثر في الجانب الإسرائيلي.

وأشارت نيويورك تايمز إلى خشية أمريكا من أن فتح جبهة في الشمال سيقود إلى جر إيران والولايات المتحدة للحرب. وهكذا فيما تبذل أمريكا وإسرائيل جهدا للظهور علنا كجبهة واحدة، فإنهما من خلف الكواليس يعيشان اختلافات. ومع ذلك فإن التقرير يفيد بأن أمريكا تعمل في قنوات أخرى لكبح جماح حزب الله. ففي “سلسلة لقاءات في أرجاء الشرق الأوسط” يحث الدبلوماسيون الأمريكيون نظرائهم العرب على إيصال رسائل تحذير لحزب الله.

وخشيت الجهات الامريكية أن يصادق نتنياهو على ضربة استباقية ضد حزب الله بعد الهجوم الحمساوي في 7 اكتوبر. ورغم أن ذلك لم يحدث إلا أن أمريكا لا تزال تخشى من “رد مفرط” من جانب إسرائيل على إطلاق الصواريخ من لبنان أو من عواقب الدخول البري الذي قد يدفع حزب الله للدحول في الحرب بقوة.

وخلال لقاءات المسئولين الامريكيين بنظرائهم هذا الاسبوع نصحوهم بأن لا تجر عملياتهم حزب الله. وهذه المباحثات أيضا جرت أثناء زيارة بايدن ووزير الخارجية بلينكن لإسرائيل. وفي هذه الزيارات التقوا بنتنياهو وأعضاء كابينت الحرب، وأعربوا أمامهم عن الخشية من تصعيد في الشمال. من جانبه وزير الحرب غالانت زعم في المحادثات أن الجهد العسكري الأساسي يجب أن يتركز على حزب الله “لأنه يشكل خطراً أكبر من خطر حماس”. وقال غالانت لبلينكن أنه أيد شن هجوم وقائية ضد حزب الله منذ الاسبوع الفائت، لكن اقتراحه رفض من الجهات الأخرى في إسرائيل.

كما أن بايدن نفسه في كلامه أمام كابينت الحرب، حيث كان غالانت، أوضح المخاطر الكامنة في حرب على جبهتين. بل أن بايدن طرح أسئلة صعبة حول العواقب الكثيرة لمواجهة واسعة النطاق مع حزب الله. وحتى الآن يمتنع نتنياهو، وغفق الصحيفة، عن تأييد هجوم واسع على حزب الله رغم موقف غالانت وبعض ضباط الجيش. في المداولات الداخلية أبدى نتنياهو دعما محدودا للهجوم على حزب الله.

وبحسب نيويورك تايمز فإن جهات في الجيش الإسرائيلي عرضت خطة تركز على هجوم يعتمد على الدخول إلى غزة كوسيلة تضليل لهجوم واسع النطاق في الشمال، ولكن نتنياهو رفض تنفيذ هذه الخطة بعكس ما يريد غالانت وآخرين أيدوا أفكاره. ويعود الخلاف إلى أسباب كثيرة بينها انعدام اليقين بشأن دور حزب الله في هجوم حماس قبل اسبوعين. فقد أبلغت جهات إسرائيلية وأمريكية الصحيفة أنه لم يتم حتى الآن العثور على بينات حول هذا الدور، بل أشاروا إلى أنه يبدو أن قادة إيران وحزب الله فوجئوا بالهجوم.

وشددت الصحيفة على أن دبلوماسيين أمريكيين يقولون أن أشد ما أقلق إدارة بايدن خشيتها من أن قادة في إسرائيل، بينهم نتنياهو وغالانت، أعماهم الغضب في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، ولذلك سيخرجون في عملية واسعة ضد حزب الله. وقال الدبلوماسيون لمجموعة صغيرة من أعضاء الكونغرس أن هذا كان أحد سبب إطالة جلسة مجلس الحرب بوجود بلينكن إلى ما لا يقل عن سبع ساعات ونصف.

كذلك، فقد هدد وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية نير بركات بأن “إسرائيل ستهاجم إيران إذا هاجم حزب الله إسرائيل”. وجاءت هذه الاقوال في مقابلة مع صحيفة “ديلي ميل” حيث أشار إلى أن إسرائيل لن “تسحق حزب الله” فقط وإنما أيضا “سيتم محو” آيات الله الإيرانيين” عن وجه الأرض”. وقال أن “خطة إيران هي مهاجمة إسرائيل في كل الجبهات. وإذا وجدنا أنهم ينوون المس بإسرائيل، فإننا ليس فقط سنرد على هذه الجبهات، وإنما سنصل إلى رأس الافعى، وهي إيران”. وأضاف أن “آيات الله في إيران لا ينامون جيدا ونحن سنحرص على أن يدفعوا ثمنا باهظا إذا فتحوا لا سمح الله الجبهة الشمالية. إن رسالتنا الواضحة هي أننا سوف نلاحق قادة إيران. متى نفعل ذلك؟ عندما نقرر”. واعتبر أن “لإسرائيل رسالة واضحة جدا لأعدائنا. نحن نقول لهم انظروا ما يجري في غزة، سوف تتلقون ذات المعاملة إذا هاجمتمونا. نحن سوف نمحوكم عن وجه الأرض”.

وكان وزير الحرب غالانت الذي أجرى تقديرا للوضع العملياتي مع قادة الألوية النظامية والاحتياطية في مقر الفرقة 91 في الشمال، قد أعلن أنه “قبل أسبوعين بالضبط شنت الحرب علينا من جانب حماس في الجنوب” وأضاف أن “هذه حرب أعدت للقتل والخطف والاغتصاب والمس بالأطفال، وبالناجين من المحرقة، وبالنساء، وهي حرب تم تصويرها ونشرها بقصد ردع دولة إسرائيل. ولكننا سوف نكسر المعادلة هذه 180 درجة. واليوم الذي بدأت فيه الحرب سيذكر بوصفه اليوم الذي بدأت فيه التصفية النهائية والتامة لتنظيم حماس. لقد قرر حزب الله المشاركة في القتال ونحن نجبي منه ثمنا باهظا. يذكر أن غالانت طالب بتوجيه ضربة وقائية كبيرة ضد حزب الله لكن الأمريكيين ونتنياهو لم يقبلوا رأيه.

ومن ناحية أخرى، نشر معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل تقديراته لحجم قوات حزب الله بما في ذلك صواريخه الدقيقة والطائرات من دون طيار وعشرات ألوف المقاتلين.

وجاء في التقدير أن “حزب الله جيش إيراني مزود بأنواع مختلفة من الأسلحة ذات قدرة تدميرية كبيرة. ويتكون هذا الجيش من جنود نظاميين ورجال احتياط، والتقدير أنهم يعدون ما بين 50 إلى 100ألف مقاتل. ويشمل هذا العدد أيضا قوة الرضوان، وهي وحدات كوماندوس ذات تجربة قتالية من المواجهات في سوريا وتعد وفق تقديرات حذرة حوالي 2500 مقاتل وربما أكثر. ويمكن أن نضيف لهذا العديد دعما خارجيا من نشطاء شيعة، من أراض مختلفة مثل أفغانستان، باكستان، سوريا والعراق”.

وأضاف التقدير أن “الوسائل الهجومية لحزب الله مذهلة جدا” وأنها تشمل “كمية هائلة حوالي 150 ألفا إلى 200 ألف صاروخ، وقذائف، بينها مئات الصواريخ ذات دقة عالية وقدرة تدمير كبيرة”. ويتبين في التقدير أنه “أثناء مواجهة يتطلب الامر توجيه منظوماتنا المضادة للدفاع المركز عن البنى التحتية المدنية والعسكرية”.

ومن المعطيات التي يوردها التقرير يتبين أنه وفق تقديرات تستند إلى معلومات علنية فإن لدى حزب الله 40 ألف صاروخ من نوع غراد لمدى قصير بين 15-20 كيلومتر. و80 ألف صاروخ من طراز فجر 3 وفجر 5 فضلا عن خيبر أو رعد 2 و3 متوسطة المدى حوالي 100 كيلو. وهناك 30 ألف صاروخ من طراز زلزال أو فاتح 110 (M600) لمدايات أطول 200-300 كيلومتر. وتسلم حزب الله من سوريا عددا قليلا من صواريخ سكود سي ودي يصل مداها إلى 700 كيلو متر. عدة مئات من صواريخ فاتح 110 تحمل رؤوسا حربية وزنها 500 كيلوغرام متفجرات ومزودة بأجهزة توجيه دقيقة تستند إلى GPS وهي تملك دقة وقدرة تدميرية كبيرة.

كما أن لدى حزب الله صواريخ “بر ـ بحر نوعية من طراز C802 انتاج الصين وياخونت انتاج روسيا، وصواريخ كورنيت متطورة ومعدلة وقدرات لإطلاق قذائف هاون وصواريخ مضادة للطائرات من نوع سام 17 وسام 22 المؤهلين لضرب الطائرات من دون طيار وطائرات الهليكوبتر”.

وأشار التقدير إلى أن “القوة المقاتلة لحزب الله مزودة بطائرات من دون طيار معظمها انتاج محلي لأغراض هجومية واستخبارية يبلغ مداها 400 كيلومتر ومئات من المسيرات لأغراض تكتيكية مختلفة. وفضلا عن ذلك يملكون قدرات اضافية في المجالين الرقمي والإلكتروني”. ويخلص التقدير إلى أن “كل ذلك يوجب تركيز المتابعة والجاهزية الدائمة تجاه حزب الله خصوصا في هذا الوقت”.

وكانت وزارة الحرب الإسرائيلية قد أعلنت، وفق يديعوت، أنه تقرر إخلاء 14 مستوطنة أخرى على الحدود مع لبنان وأن الأخلاء سيكون لكل المستوطنات القائمة إلى بعد خمس كيلومترات من الحدود.

وسيتم الاخلاء بتمويل من الدولة جراء الحرب والتصعيد في الشمال وقد صادق وزير الحرب غالانت على إضافة هذه المستوطنات لخطة الاخلاء، كما تم اطلاع قيادة الجبهة الشمالية لإبلاغ رؤساء المستوطنات هذه بالخطة.

وحسب المراسل العسكري لوالا فإن إيران تحتفظ في سوريا بفرقة تعد عشرات الألوف من حملة السلاح ووحدة صواريخ. وإطلاق صواريخ كثيف من سوريا سيعرض سوريا لهجمات إسرائيلية واسعة وبكلمات أخرى ينشأ وضع يعرض للخطر كل ما حافظ عليه النظام السوري في السنوات الأخيرة.

 

Exit mobile version