طلال سلمان

فلسطين لبنان وبالعكس

لم يعد القتل الإسرائيلي اليومي لفلسطين خبراً عربياً… بل هو لم يعد يعني كل الفلسطينيين . صار حاجز العداء بين السلطتين التافهتين في الضفة الغربية وغزة، عالياً وسميكاً وجليدياً بحيث لا يخترقه حتى دوي الدم المهدور غيلة خلف جدار الفصل العنصري الإسرائيلي أو أمامه. أما الإسم الموحّد للأرض والشعب والقضية (فلسطين) فقد اغتيل مند زمن بعيد، وإن أرجأ أهل الفقيد دفنه أو أنهم استبقوه في الذاكرة حتى لا يحاسبوا على جريمتهم.
بالمقابل، لم يعد العرب معنيين بفلسطين، لا التاريخية، ولا الجغرافية، ولا ذات السلطتين بغير دولة. فالعرب لم يعودوا عرباً. عادوا إلى ما كانوا عليه قبل أن يوزعوا في دول من طوائف ومذاهب ونفط وخيم ورمال وسيوف مذهّبة وأحلام مكسورة.
صارت إسرائيل بين ضمانات السلامة للكيانات المفصلة على مقاس حكامها، من يحكم منهم باسم الدين، أو بالجيش، أو بخوف رعاياه من سيفه الذي يجمع الدين والجيش والذهب. من يُغضب إسرائيل تعاقبه الإدارة الأميركية وتشطبه القمة العربية، وتحاصره حتى الجوع قرارات العقاب باسم المجتمع الدولي.
من يهتم لعشرة شهداء جدد، لعشرين، لثلاثين، لألف؟!
من ينتبه إلى عدد الأطفال والنساء والشيوخ والكتب وأشجار الزيتون بينهم؟
لقد قرّر جورج بوش فلسطين دولة لليهود . من كان فلسطينياً مفتوحة أمامه الخيارات: له أن يكون سويدياً، كندياً، دنمركياً، وربما لبنانياً، بل وحتى أميركياً. أما إن هو عاند وبقي ملتصقاً بأرضه فعليه أن يدخل أعماقها فيبقى فيها إلى الأبد.
صار ما يجري لفلسطين ولأهلها خبراً لبنانياً بامتياز: من ينسه الصراع على السلطة وطنه فيجلس في انتظار أن يبني له المجتمع الدولي بالقيادة الأميركية دولته فسيخسر الوطن من دون أن يربح الدولة!
لقد باتت السلطة عربياً آكلة الأوطان.
إن جورج بوش يسمي بلادنا بأسماء رؤسائها، حتى لو لم تكن لهم دول، أو لم يكونوا هم في مرتبة الملوك.
آه… لو تبقى للجامعة العربية فضلة من وقت، إذاً لاهتمت بفلسطين!!
لكن لبنان غالٍ على أمته فلتنتظر فلسطين إنجاز المهمة المستحيلة في لبنان، وبعدها نحاسب إسرائيل ونوقع عليها وعلى من يساندها أشد العقاب.

Exit mobile version