لم يتعب شعب فلسطين ولا هو خرج من ميدان النضال، وإن هو قد انتصر فاستعاد ساحات القدس والخليل ورام الله والناصرة.. بل إنه يباغت جيش الإحتلال الإسرائيلي والجيش الآخر الذي يشكّله المستوطنون، بمواجهات يومية تمتد معظم ساعات النهار وتستمر حتى المساء شاملة جهات عديدة في مختلف جنبات فلسطين وإن ظلت القدس المقصد وبيت الصلاة وأرض الشهادة.
تذوي “السلطة” التي لا سلطة لها في رام الله، ويخرج أبناء فلسطين، من مختلف أنحائها، إلى القلب منها في القدس الشريف، بين المسجد الأقصى وكنيسة القيامة ليتلاقوا مجددين العهد مع الأرض المقدسة وإن ظلت القدس هي المقصد وهي العنوان بكل أماكنها وجهاتها المقدسة من درب الآلام إلى مسجد عمر بن الخطاب وصولاً إلى حطين صلاح الدين والشاهد والشهيد على الجهاد الممتد عبر التاريخ والذي خاضه المقدسيون ومن معهم من أخوانهم العرب لحماية الأرض المقدسة بمدنها والمساجد والقرى المنقوشة بدماء الشهداء وميادين الناصرة والخليل ونابلس وقد تزينت بصور الشهداء الذين افتدوا الأرض المقدسة بأرواحهم المطهرة وتمددوا في أرضها لا يغادرونها حتى لا يأخذها العدو بالغدر أو بالتواطؤ، قبل أن يطل الفجر ليفضح المتواطئ والمتآمر وصولاً إلى باعة القبور.
.. ولقد تخلى أهل النظام العربي ملوكاً وأمراء ورؤساء وحكومات، وحاولوا مخادعة شعوبهم بأن الثورة في فلسطين قد انتهت بالإنتفاضة وأن التحرير قد انتهى بالسلطة وأن العدو الإسرائيلي قد حقق عبر تنازلات الأنظمة وخياناتها ما كان يستحيل عليه تحقيقه بالحرب.
لقد هزم العرب ذهبهم قبل نقص سلاحهم.
وقد هزم الملوك والرؤساء والأمراء العرب أكثر وأخطر مما هزمتهم قوات العدو الإسرائيلي..
لقد قدّر على العرب دائماً أن يقاتلوا على جبهتين: واحدة في الداخل حيث تتلقى ظهورهم طعنات الغدر والخيانة، والثانية بوجوههم مقابل جيش العدو وجحافله المتفوقة بالسلاح، جواً وبراً وبحراً… ومع ذلك ظلت المواجهات مفتوحة .. ولسوف تبقى.
وها هو شعب فلسطين يواصل جهاده لتأكيد حقه في أرضه، بلاده المقدسة، التي لا يرضى عنها بديلاً ولو عرضت عليه جنان الفردوس..
إن هذا الشعب الذي يخوض نضالاً اسطورياً يمتد – حتى اللحظة – طوال قرن كامل. لن يهدأ، ولن يستكين، مهما اشتد الإجرام الإسرائيلي وامتد إلى صدور الصبايا والفتية الأغرار وأصابهم في الجباه والصدور والأيدي والأقدام.