طلال سلمان

فريد جبران:رحيل الأستثناء(صور)

فجأة اكتشف فريد جبران انه بات غريباً، وان الدنيا لم تعد دنياه، فقرر اللحاق برفاقه الذين سبقوه ضجراً أو يأساً او لأنهم قالوا ما عندهم ومضوا…
لم يكن ممكنù لفريد جبران ان يعيش في دنيا ليس فيها كمال جنبلاط والحزب الواعد بكسر حواجز الطوائف والمذاهب والعصبيات، التقدمي الاشتراكي، وليس فيها معروف سعد والحركة الشعبية المجسدة الطموح الى التغيير وتقريب النظام من الانسان بدل ان يظل حكرù لفئة على حساب مجموع الناس.
كيف يعيش النائب خارج جمهوره؟ كيف يعيش المواطن البسيط من دون ان يضطر لأن يمد يده؟ كيف يعثر العامل والموظف على مأجور بأجر يقدر على دفعه؟ كيف يؤمّن صياد السمك نفسه فيعيش من عرق جبينه ويكون له ولرفاقه الصيادين مرفأ في »النافورة« في عين المريسة؟!
فريد جبران كان »الاستثناء«، وشكل مع قلة من النواب ظواهر شعبية جدية قدمت صورة مشرقة للنيابة ولدور يمكن ويجب ان يؤديه المجلس النيابي في خدمة المطالب الشعبية الاساسية حتى لتكاد تكون بديهية.
أمس، رحل الرجل الطيب، الرجل التظاهرة، بدوره في الشارع كما في المجلس، بصوته كما بمتابعاته، وعبر لجنة الدفاع عن المتظاهرين كما في المنتديات الدولية دفاعù عن قضايا وطنه وأمته.
رحل الرجل الذي لم يتغير منذ ان كان محاسباً حتى غدا صاحب مكتب متواضع لتدقيق الحسابات ثم نائبù وصاحب دور سياسي، والذي عاش في حضن الحركة الشعبية طول عمره.
مات رفيق كمال جنبلاط، أحد مؤسسي الحزب التقدمي الاشتراكي، أحد وجوه الحركة النقابية، أحد معالم الحركة الشعبية، والانسان المنفتح، المتواضع، الصادق والشفاف.
رحم الله فريد جبران الذي أعطى النيابة ولم يأخذ منها، وأعطاه الناس البسطاء والطيبون ما يستحقه من عواطفهم نتيجة اخلاصه لهم حيثما كانوا وبالذات للمدينة الأميرة بيروت التي شرّفته بنيابتها ثلاثين سنة او يزيد.
»ط.س.«نعى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير وليد جنبلاط والتكتل الوطني الديموقراطي الاجتماعي وعائلة جبران النائب السابق والمناضل المخضرم فريد جبران الذي توفي ظهر امس عن 84 عامù في مستشفى الجامعة الاميركية نتيجة اشتراكات متأتية عن مرض عضال، كانت قد استوجبت نقله الى المستشفى منذ قرابة الاسبوع.
يصلى على جثمان الراحل في كنيسة مار فرنسيس للآباء الكبوشيين شارع الحمراء عند الساعة الحادية عشرة قبل ظهر غد الاربعاء ويوارى الثرى في مدافن اللاتين في الفنار.
تاريخ
لاتيني (أقليات)، ولد في قبرص عام 1912، والده جوزف جبران، والدته نعمة مخلوف. متأهل من فيوليت قرداحي عام 1944 ولهما ستة اولاد: مي، جانين، اندريه، اليان، جوزف وجاك.
درس في فرير الاسكندرية ومن ثم فرير بيروت عام 1932 حيث نال اجازة في المحاسبة، ودرس الحقوق في جامعة القاهرة لسنة واحدة عام 1935. خبير محاسبة منذ العام 1932.
تميز باهتمامه الكبير بالقضايا الاجتماعية التي أطل عبرها لاحقù على الحياة السياسية والنيابية. ترأس اتحادù نقابيù ضم اربع نقابات عام 1937، وترأس جبهة العمل الوطني في الأربعينيات فاستطاع بالتعاون مع الاتحاد الوطني لنقابات العمال بلوغ قانون العمل عام 1946. عضو في محكمة العمل اللبنانية ممثلاً العمال.
اهتم بالقضايا الاجتماعية داخل المجلس النيابي، ولاحق اقتراح قانون انشاء مكتب الدواء حتى اقراره، كما ارتبط اسمه بكل قوانين الإيجارات منذ ان اصبح نائبù، وهو كان رئيسù للجنة الدفاع عن المستأجرين منذ اغتيال نسيب المتني عام 1958.
أحد مؤسسي الحزب التقدمي الاشتراكي، وشغل منصب نائب رئيس الحزب لمدة 25 عامù. عضو في جبهة النضال الوطني البرلمانية، وبقي ينسق مواقفه السياسية مع الحزب التقدمي داخل المجلس النيابي حتى بعد توقف جبهة النضال.
انتخب نائبù عن الأقليات دائرة بيروت منذ العام 1960 وحتى العام 1992. انتخب في اكثر من دورة مقررù للجنة العمل النيابية وعضوù في لجنتي المالية والموازنة والتصميم والإعمار.
تغيّب عن جلسة انتخاب بشير الجميل لرئاسة الجمهورية وعن جلسة إقرار اتفاق 17 ايار. وافق في 21/8/1990 على التعديلات الدستورية المنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني التي اقرت في الطائف، وأعلن في 3/6/1992 استقالته من الحزب التقدمي الاشتراكي ليؤسس حزبù جديدù هو »حزب المستضعفين والمحرومين والفقراء«.
اشترك في مؤتمرات برلمانية دولية وعربية، وترأس جمعية الصداقة الألمانية (الديموقراطية) اللبنانية، ومُنح وسام السلام المذهّب من ألمانيا الديموقراطية ووساماً من كوريا.

Exit mobile version