طلال سلمان

فتنة جبرانية جديدة: اطووا الصفحة السوداء لحادث الفساقين

ما زلنا في لبنان الجمهورية نعيش في زمن المتصرفية، بل القائمقاميتين في جبل لبنان، والصراع الدرزي ـ المسيحي، وضمنه الدرزي ـ الدرزي بين القيسيين واليمنيين، وكل ما تبقى تفاصيل.. بل تفاصيل التفاصيل.

والصراع الدرزي ـ الدرزي، كالصراع السني ـ الشيعي والصراع بين الموارنة والارثوذكس بدأ فقيها ثم تمدد سياسيا وصولاً إلى الانساب والعائلات.

من هنا يمكن فهم “الابعاد الخفية” للحرب الضروس الجارية اليوم بين الامير طلال ارسلان (اليزبكي) ووليد جنبلاط (القيسي)، والذي شرخ بين الطائفة “بأفضال” جبران باسيل الذي نصر الامير فأتى له بوزير في الحكومة الجديدة بعد أن عاونه ودعمه في الانتخابات النيابية، موسعا الشرخ بين القيسيين واليمنيين، او بين دار المختارة ودار خلده.

.. خصوصا وان الموارنة، عموماً، قد تصدروا “الكيان” الذي صار “جمهورية”، بعد ضم “الاقضية الاربعة”، أي البقاع والشمال والجنوب وبيروت، إلى متصرفية جبل لبنان، التي استولدت بعد فتنة 1860 (بين الدروز والموارنة) التي كانت سبقتها فتنة 1820، في اعقاب سقوط الامارة الشهابية، وآخر امرائها الامير بشير الشهابي الكبير الذي ولد مسلما سنياً، ثم انقلب ـ مع السلطة ـ إلى درزي.. إلى أن مات مسيحيا!

على أن الارجحية (السياسية) ظلت دائما للجنبلاطيين، خصوصاً وانهم قد نافسوا الشهابيين على حكم الجبل (أي الشوف) وشهيرة هي المقولة التي نسبت إلى الامير بشير (الكبير) والتي مضمونها أن الجبل لا يتحمل “بشيرين”، أي بشير جنبلاط وبشير شهاب.. وهكذا تفجرت حرب ضارية بينهما انتهت بخسار بشير جنبلاط في معركة عين دارة المعروفة..

ولقد تم اللجوء إلى الحل القبلي للتسوية، اقله سياسياً، بين الحزبيين، أي عبر المصاهرة، وهكذا فان فؤاد جنبلاط، والد كمال جنبلاط، قد تزوج من نظيرة جنبلاط وتزوج كمال جنبلاط من مي كريمة الامير شكيب ارسلان.. وصولا إلى الامير مجيد ارسلان التي كانت زوجته الثانية بعد وفاة الأولى، جنبلاطية.

لا نظن أن معالي الوزير جبران باسيل (وهو ابن البترون البار، التي كانت تنتهي عندها حدود القائمقاميتين) يعرف ما يكفي عن تاريخ الصراع بين اليزبكييين والجنبلاطيين.. فاذا ما كان يعرف فان الخطيئة أعظم!

..لا سيما وان الصراعات القبلية في نظام محاصصة طوائفية سرعان ما تستعيد تاريخاً دموياً تم طيه، سياسيا، بتسويات لا تهتم بتاريخ الصراع السياسي ـ القبلي المحصن بالمذهبية، والمطروح في بازار المزايدات السياسية:

ولان ولي العهد يؤثر على القصر، والقصر حريص على ارضاء الصهر، والصهر طرف في الصراع اليزبكي الجنبلاطي الجديد الممتد من الفساقين (قبل أن تحول الى البساتين) إلى خلده، والمتصاعد إلى المختارة، ليشمل من ثم اليزبكيين جميعاً ـ ومن معهم ـ والجنبلاطيين جميعاً ومن معهم، فان “شيخ الصلح” في لبنان، أي الرئيس نبيه بري، ما زال يحاول فك سحر جبران باسيل، ليتمكن من ابتداع صيغة الصلح السحرية، فيفتح الباب لإنقاذ الرئاسة الأولى ومن ثم الحكومة، وربما المجلس النيابي، من فتنة جديدة لا تبقى ولا تذر.. خصوصاً في عصر دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر (الصهيوني الذي يقوم بدور المروج لـ”صفقة القرن” التي سيدفع ثمنها العرب جميعاً، من ارضهم ودمائهم، لحساب العدو الاسرائيلي..)

مع التمني أن ينجح المخلصون في طي هذه المأساة الوطنية وتداعياتها السياسية الخطيرة التي لا تبشر بخير لا للدروز خصوصاً ولا للبنانيين عموماً.. ولو “زعل” جبران باسيل!

Exit mobile version