طلال سلمان

عن انجازات انابوليس

تتهاطل علينا نحن، يا العرب! جوائز أنابوليس بغزارة تستدر الحسد والغيرة!
قبل أنابوليس، بالرعاية الأميركية الرئاسية، كانت احتمالات الحل في لبنان متيسرة، وكانت صيغتها العملية قيد الانجاز.
أما بعد أنابوليس فقد تبخّرت مشاريع الحلول، واحتلت الأزمة المساحات جميعاً، وتم ضرب إمكانات التوافق حتى على المرشح الرئاسي الوحيد الذي انعقد من حوله الاجماع…
بل إن الرئيس الأميركي جورج بوش قد تولى شخصياً إطلاق الرصاص على مشروع الحل التوافقي العتيد، عندما أطلّ على اللبنانيين يحرض بعضهم ضد البعض الآخر، مجدداً، بدعوة الموالاة إلى انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً… بعدما كان أوفد ديفيد ولش منفرداً، ثم أوفده ثانية معززاً بإليوت أبرامز لنسف مشروع الاجماع على مرشح الإجماع!
أما فلسطين التي انعقد المؤتمر على اسمها، وبناء على تعهد الرئيس الأميركي ذاته من انه سيتولى بنفسه موقع القابلة القانونية لاستيلاد دولتها وسط رعاية عربية شاملة، فقد سقطت سهواً واحتلت الخطاب الرئاسي الدولة اليهودية الخالصة على أرضها… بما يمهد لإسرائيل بطرد كل غير اليهود من أراضيها لتكون خالصة لشعب الله المختار!
لم يرفع الحصار الخانق، بل تم تكريس الانقسام الحربي بين السلطتين الفلسطينيتين، في غزة والضفة الغربية، ولا أوقف البناء في المستعمرات التي تتنامى كالفطر لاستقبال وحوش المستوطنين الجدد المستقدمين من أربع رياح المعمورة… واشتد الضغط على ما تبقى من القدس العربية حتى كادت تختنق في لجّة المستوطنات المستحدثة أو المنقّحة والمزيدة.
بل إن إسرائيل التي حصدت الجوائز العربية في أنابوليس عادت مستقوية على مجموع العرب الذين استجابوا إلى الدعوة الأميركية بشهامة طالما عُرفوا بها، فأهانت مصر في كرامتها، رئيساً وحكومة وشعباً، دون ان تخسر صفقات الغاز والنفط التي أجبرت وما تزال تجبر مصر على تزويد إسرائيل بها تدليلاً على اخلاص المصريين للسلام.. الإسرائيلي!
سقطت شفاعة مصر حتى بالنسبة للحجاج الذين ذهبوا من غزة بتسهيلات مصرية.
مع ذلك، فالرئيس مبارك لم يظهر أي انزعاج خلال استقبال باراك…
وبرغم الإهانات العلنية التي وجهتها وزيرة خارجية إسرائيل، فإن القاهرة اكتفت باحتجاج لفظي.
لقد كلّف مؤتمر أنابوليس منذ الدعوة إليه وحتى اليوم أكثر من خمسين شهيداً فلسطينياً إضافياً، وتشديد حصار التجويع والتعتيم والتدمير على غزة، وأكثر من خمسين معتقلاً اختطفتهم قوات الاحتلال من أيدي سلطة عباس في الضفة الغربية.
… أما على مستوى العلاقات العربية العربية فإن الحرب قد تزايد سعيرها ملتهمة مشاعر الأخوة ووحدة المصالح، كما تكشف الصورة من بيروت التي تكاد تفقد روحها!
أما العراق فلما يغرق في طوفان دماء أبنائه كلياً بعد.. وهذا إنجاز عظيم لمؤتمر أنابوليس.
وأما بقية الانجازات فهي في الطريق إلينا… حمانا الله منها!

Exit mobile version