طلال سلمان

عن المقاومة في عيدها.. وبعلبك البلا عيد

طالما انه عيد المقاومة فمن الطبيعي أن تكون بعلبك في عيد، برغم ما تعانيه من إشكالات وأسباب تذمر بعضها سياسي والاخطر امني، لكن العيد يبقى عيداً لأهله الذين كتبوه بدماء شهدائهم فحق لهم ان يحتفلوا به..

وأبدأ بتوجيه تحية تقدير وإكبار لسيد المقاومة وقائدها بطل التحرير، السيد حسن نصرالله، حفظه الله ورفاقه المجاهدين، بعد انحناءة إكبار وإجلال لشهداء المقاومة والتحرير، وفيهم نخبة من ابناء هذه المجاهل، بلاد بعلبك، قدموا دماءهم رخيصة من اجل طرد العدو والمحتل وتحرير الارض الوطنية، والأهم: تحرير ارادة هذا الشعب المجاهد الذي لم يقصر يوماً في دفع ضريبة التحرر والتحرير من دمائهم الزكية.

أيها الأخوة في اتحاد بلديات بعلبك،

أستأذن هنا أن اتحدث قليلاً عن بعلبك ومنطقتها التي يعاني اهلها من تشويه مقصود لصورتهم، تتحمل مسؤوليته بالأساس الدولة بالحكومة وأجهزتها وقواها الامنية، ثم الزعامات وأهل الوزارة والنيابة من ابنائها التي نسوها او تناسوها، فغابوا عنها وغيبوها، لا يستذكرونها الا في التعازي وخطب المناسبات… ثم يهملون مطالبها واحتياجاتها الا في ما ندر، برغم أن لها ـ غالبا ـ وزيرين في الحكومات المتعاقبة، أما من النواب فلها منهم سبعة، ماشا الله..

إن صورة البعلبكي انه بالأساس قاتل، وغالباً قاتل ذويه من اهل بلدته أو منطقته، ثم انه مسؤول عن زراعة الحشيش وتجارته وصحة المدمنين عليه، وبوجه الاجمال هو خارج عن القانون إن لم يكن اليوم فغداً، او بعد غد على أبعد تقدير.

لا ذكر ولا اشارة لأهل الكفاءات والخبرات من اساتذة الجامعات والاطباء والمهندسين والعلماء والكتّاب والشعراء والصحافيين، ونحن منهم…

واسمحوا لي هنا، مع التواضع، أن أشير إلى تجربة “السفير” التي عاشت في قلب الصعوبة، اربعة وأربعين عاماً، الا قليلاً، وظلت طوال عمرها في صدارة الصحف اللبنانية، اهمية وتوزيعا، وبين اولى الصحف العربية كمصدر موثوق للأخبار، وكمرجع للدراسات والابحاث والطروحات الفكرية، ومنبر حوار عربي مميز للمفكرين والمثقفين على اختلاف اتجاهاتهم السياسية والفكرية.

على أن الاهم والاجدى أن “السفير” شكلت المنبر الوطني ـ القومي التقدمي، منذ صدورها. ومما يشرّفها انها كانت البشارة بالمقاومة، منذ طلائعها الأولى، وحتى يوم النصر، الذي نحتفل اليوم بذكراه السابعة عشر…

ومن حقي هنا أن أشير إلى أن سماحة القائد التاريخي العظيم السيد حسن نصرالله قد خص “السفير” بالعدد الاكبر من احاديثه الصحافية على امتداد سنوات المقاومة، ثم بالحديث الاخطر والاهم بعد النصر البهي على الحرب الاسرائيلية في تموز 2006… ولقد وثقنا ذلك الحديث مع يوميات المقاومة والصمود في مختلف انحاء الجنوب وسائر الجهات في لبنان، في كتاب حمل عنوان: “النصر المخضب”، جئت بنسخة منه هدية لاتحاد بلديات بعلبك.

أيها الأخوة،

اصارحكم انني افخر ببعلبكيتي، التي كانت ذات يوم أشبه بالشتيمة..

ومن الطبيعي أن أعتز بهويتي هذه برغم ما اصابها من إساءات وتعديات كادت تشوه سمعتنا وتشعرنا بالمهانة.

لقد عشت في موقع يمكنني من أن اعرف الكثير عن الدولة واداراتها والاحزاب والزعامات وممارساتها التي ـ في غالبها ـ تسيء إلى اهل هذه البلاد. وأذكر ما كان يردده بعض أهلي عن واحد من زعامات المنطقة: “لا تأتي الي مقتولاً، تعى اليّ قاتلاً، والباقي عليّ”.

أفخر بأنني واحد من ابناء هذه الأرض، أهل الشعر والغناء والدبكة عنوان الرجولة، أهل القمح، أهل العتابا والميجانا والفراقيات التي تُبكي الحجر.

نحن المفتوحة بلادهم لكل قاصد، المفتوحة قلوبهم لكل مظلوم، المدافعون عن الشرف بالدم، ولو أن الطارئين ومدمني المخدرات وعصابات السلب والخطف قد شوهوا هذه المفاهيم وعبثوا بالقيم وشوهوا الموروث.

أيها الأخوة،

لقد أخذتني المرارة الناتجة عن الاهمال المقصود والمتستر على من يسيء إلى صورة هذه المنطقة المغسولة بدماء المجاهدين على مختلف الجبهات، بعد انجاز مهمتهم في التحرير وحمايته.

على أن ذلك كله لا يمكن أن يؤثر على اعتزازي بمجاهدي المقاومة وتضحياتهم النبيلة، وبقيادتهم المجاهدة والمؤزة بالنصر، سماحة القائد السيد حسن نصرالله.

ولمناسبة هذا العيد المجيد المغسول بدماء الشهداء وبيوت الفقراء من اهلنا في الجنوب والضاحية وهذه المنطقة التي أدى اهلها واجبهم وما زالوا يؤدونه، اتوجه بالتهنئة والتبريك إلى سماحة السيد المجاهد السيد حسن نصرالله وشهداء المقاومة وجرحاها.

واسمحوا لي هنا بتحية خاصة لمحافظ بعلبك الشاب بشير خضر الذي تعجزه ميزانيته والظروف عن أن يعطي ما يريد أن يعطيه لهذه المنطقة التي أحبها وأحبته.

وكذلك اسمحوا بتحية حارة لرئيس بلدية بعلبك العميد حسين اللقيس الذي يحاول تجاوز الصعوبات ومواجهة التعديات والاشكالات وتراكمات الاهمال التاريخي لمدينة الشمس التي يتذكرونها فقط في موسم المهرجانات ثم يدفعون بها إلى النسيان..

وتحية لكم أيها الاخوة في اتحاد بلديات بعلبك وأنتم تعملون في قلب الصعوبة للنهوض بالمدن والبلدات والقرى في هذه المنطقة المظلومة والمحرومة، اعانكم الله على اداء مهمتكم الثقيلة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة القيت في ندوة “الصحافة المحلية ودورها في التنمية الاجتماعية والسياسية”، التي نظمتها اللجنة الثقافية في اتحاد بلديات بعلبك لمناسبة عيد المقاومة والتحرير وتحية لروح الصحافي بنيامين الجمال.

Exit mobile version