طلال سلمان

عن “الحرب”.. من اجل حكومة الفاسدين!

كلما افترضنا اننا قد استوعبنا وجوه الفساد والظلم ومجافاة حقوق الناس في هذا النظام، فاجأنا بأنه اسوأ واشد ظلما مما قدرنا.

وكلما افترضنا اننا قد عرفنا بما يكفي اهل هذا النظام والمستفيدين منه لقهر ارادة الشعب وتضييع حقوقه، فاجأنا مع اهله بأنه أعظم بطشاً وفساداً مما قدرنا.

وكلما جاءت فرصة قدرية للتغيير او تطوير هذا النظام والتخلص من اهله فاجأنا هذا النظام الجبار باستيعاب الفرصة وتحويلها إلى متاهة قد تقسم الشعب وتبعثر قواه في غمرة خلافات فكرية وسياسية لا تنتهي الا وقد عاد الانقسام أحدْ مما كان منذراً بتفجير حرب أهلية، بعد تغليب الانقسام الطوائفي على وحدة المطالب، ويصير التسليم بدوام النظام الخيار الاقل سوءاً في مقابل احتمالات الحرب الاهلية على قاعدة طوائفية ومذهبية..

ها هي الطبقة السياسية ترد على مطلب الغاء الطائفية بتثبيتها وتشويه “النسبية” باعتمادها في قانون جديد للانتخابات النيابية اوله طائفي وآخره مذهبي بما يفقد النسبية تأثيرها وقدرتها على تعديل النتائج فضلاً عن تغييرها..

وها هو المجلس النيابي الجديد الذي انتجته هذه النسبية المجتزأة والمشوهة، والذي لا يختلف كثيراً عن المجالس النيابية السابقة، يقف عاجزاً امام مسألة بسيطة مثل تشكيل حكومة جديدة.

تم التزام الشكليات جميعاً: استشارات نيابية في القصر الجمهوري شاركت فيها الكتل جميعاً، وتمت تسمية سعد الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة قبل اكثر من شهرين… وحتى اليوم لم تشكل، ولم يتكرم احد من المسؤولين بشرح المعضلة، وأين تكمن “كلمة السر” التي تشل البلاد وتمنع تشكيل هذه الحكومة التي لن تختلف كثيراً عن سابقاتها..

في هذه الاثناء نسمع كلاماً ممجوجاً، يرشح فيه رئيس الجمهورية صهره جبران باسيل للرئاسة، مضفياً عليه صفات نابليون..

ونسمع من الجعاجعة انهم قوة عظمى ولهم الحق بوزارات عدة من بينها حقيبة سيادية..

ونسمع عراكاً درزياً بين اسبابه استقواء احد اطرافه برئيس الجمهورية وصهره الاغر ضد “طائفته”..

وتنشأ كتلة نيابية سنية خارج فلك آل الحريري، سياسياً واجتماعياً، فتطالب بحصة في الحكومة الجديدة حتى لا يقتصر التمثيل على الحريريين..

وتعلو اصوات الاقليات مطالبين بممثل لهم..

بينما ترتفع اصوات أخرى تطالب بأن يكون لرئيس الجمهورية الثلث المعطل في الحكومة العتيدة..

وتتسلل همسات من الخارج تفيد أن الحكومة العتيدة هي ساحة المواجهة الجديدة بين الرياض (ومعها هنا كما في اليمن ابو ظبي) وطهران.

وترتفع بعض الاصوات مطالبة بانتظار حسم المواجهة بين واشنطن والنظام الاسلامي في ايران، بعدما اعلن ترامب خروجه من الاتفاق الدولي التي اوقف المواجهة الاميركية ـ الايرانية، في اواخر مدة ولاية الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما..

على هذا فقد بات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، والتي ستكون عاجزة ومحتشدة بالفاسدين كسابقاتها، مسألة دولية معقدة قد تتصلب حرباً جديدة في المنطقة..

ولعل كبار المسؤولين ينتظرون نهاية هذه الحرب حتى ينخرطوا في عملية التشكيل المبدع..

علماً أن الحكومة العتيدة لن تختلف في شيء عن سابقاتها، وربما قد تكون الاسوأ!

 

 

 

 

Exit mobile version