طلال سلمان

على الطريق 10 نيسان : لولا الأمل!

ما أبعد الشقة بين 10 نيسان 1973 و10 نيسان 1974!
كنا مهزمين، أرضنا مستباحة، لكن إرادة الصمود كانت هي السيدة، وكان لها القرار.
باسم إرادة الصمود، وبفعلها، مشت الألوف وراء نعوش الشهداء الثلاثة، أبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان، في بيروت… وباسمها وبفعلها مشت ألوف مؤلفة أخرى وراء نعوشهم الرمزية في أربع رياح الأرض العربية تقول “لا” للهزيمة، وتحفر للثورة عميقاً في فكر الإنسان العربي وقلبه، وباعتبارها – وحدها – طريق النصر.
…وكانت النقمة في المطارات، تتربص بأي مسؤول أميركي تقوده المصادفات باتجاه هذه المنطقة التي حرَّمها التواطؤ مع إسرائيل على واضعي السياسة الأميركية ومنفذيها.
اليوم، نبدو وكأننا في منطقة حرام بين الهزيمة والنصر،
فبعض السياسات تكاد تضيع ما حققه الدم المراق، ليس فقط في 6 تشرين، بل قبل ذلك بكثير وعبر مسيرة طويلة تتناثر عليها محطات الأيام المجيدة، وكذلك المآسي والانتكاسات.
وبالتأكيد ، فإن العاشر من نيسان كان حاضراً لحظة اتخاذ القرار بتفجير “الشرارة”، وكان بين الشهود، إضافة إلى جمال عبد الناصر، الكمالان وأبو يوسف النجار وغسان كنفاني، وعبد المنعم رياض، وحتى عبد القادر الحسيني وعز الدين القسام، ويوسف العظمة وعمر المختار وعلي لابوانت وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي وكل الرفاق الميامين.
لكن أولئك جميعاً منعوا من الظهور بعد الحرب، وارتفع العلم الأميركي على سارية عالية في القاهرة،
والشهداء صرفوا من الخدمة، لأن النفط قادر على التعويض عن دمائهم مرتين: مرة بالحظر، ومرة برفع الحظر!
والثوار المناضلون لتغيير هذا الواقع يحاصرون بمؤامرة صمت مريبة، حتى لا يزعج بعضهم هنأة الملوك – المتوج منهم وغير المتوج – بصكوك الغفران التي نالوها تقديراً لبلائهم في حرب السلم الأبدي.
ما أبعد الشقة بين النيسانين: تفصل بينهما حرب، بل مجموعة حروب لما تنته..
في نيسان الماضي خسرنا ثلاثة من القادة،
لكننا، في نيسان الحالي، نبدو وكأننا مهددون بأن نخسر أكثر في لعبة السلام: مهددون بأن نخسر ذلك الشعور المكين بالوحدة الكامنة في أعماق النفس العربية، والذي صنع حرب رمضان والنصر – ولو المحدود – فيها،
ومهددون بأن نخسر إرادة الصمود التي بقيت لنا رغم هزيمة حزيران،
… لولا الأمل بأن تبقى دماء الشهداء مشعلاً يهدي المناضلين إلى طريق النصر، ويحرق أيادي المتخاذلين في حرب السلاح، أو في حرب النفط، على حد سواء.

Exit mobile version