طلال سلمان

على الطريق

“.. تمكنت قواتنا البرية من تدمير 40 دبابة ليبية وحوالي 20 عربة قتال مختلفة الأنواع، كما تم أسر 12 فرداً من العسكريين الليبيين والقبض على 30 فرداً من المخربين”.
من بيان الناطق العسكري المصري
بتاريخ 21 تموز (يوليو) 1977
“تقوم القوات الجوية المصرية بهجوم جوي كبير على الأهداف المدنية والحيوية في كل من طبرق والبردي والجغبوب ومساعد والكفرة، وذلك استعداداً لهجوم بري على الجماهيرية”.
من بيان لناطق رسمي ليبيا
بتاريخ 23 تموز (يوليو) 1977
في زمن الحروب الأهلية العربية
بات على رأس مطامح الإنسان العربي أن يبقى له الحق في تأكيد هويته وانتمائه القومي، إضافة إلى إنسانيته ذاتها.
ذلك أن هذا الإنسان يتعرض لحماية شرسة إلى درجة الوحشية تستهدف تاريخه وتراثه وقيمه ومقدساته ومبادئه وحقوقه البسيطة والطبيعية كـ “بني آدم”.
إنه مصلوب على الحد الفاصل بين الجنون وبين العدم، بين الانتحار وبن التسليم بأن يعيش ويموت كما تافها له من حقوق الإنسان جميعاً حق التناسل والتصفيق للحاكم الحامل من ألقاب السموت والعظيمة أكثر مما الله عز وجل من الأسماء الحسنى.
إنه مطارد بلا رحمة وبلا توقف: في أفكاره، في أحلامه، في أشيائه الحميمة، في منطلقات إيمانه وفي البديهيات التي تربى عليها حتى غدت ركائز حياته بحيث تفقد هذه قيمتها ومعناها إذا ما ضرب يقينه بتلك المسلمات.
وهو لا يني يسمع التحريض واضحاً ومحدداً: أنكر عروبتك وتنصل منها، فالعرب جرب، والعروبة هي الانحطاط والتقهقر والفرقة و… الحرب الأهلية!
أنكر عروبتك وكن ما شئت: مسيحياً أو مسلماً، كردياً أو آشورياً، قيسياً أو يمنياً، هاشمياً أو سعودياً، وبإمكانك حتى أن تشهر بربريتك كانتماء بديل يغنيك عن الانتساب إلى هذه “الأمة التعبانة”!
أما إذا “كابرت” فعليك أن تتحمل الأهوال النفسية المتهاطلة عليك يومياً كالمطر: فالعوربة اقتتال بين الأخوة، في المغرب وفي المشرق وبين بين،
والعروبة فساد ورشوة وانتهازية ودعارة فكرية وسياسية كالتي تبثها وتروج لها أجهزة الأعلام الرسمية،
والعروبة هي التخلف وهي القهر باسم الاشتراكية وهي الفتن باسم الوحدة وهي القمع الوحشي باسم الحرية، وهي الزحف على أعتاب الأميركان باسم “المصلحة القومية”،
العروبة هي الجامعة العربية الكسيح، وهي التسيلم باحتلال إسرائيلي لفلسطين واراضي ثلاث دول عربية مستقلة وذات سيادة،
بكلمة: يريدون إقناعنا وتعويدنا على التسليم بأن العروبة هي – بالضباط – كل ما تركه الاستعمار فينا وفي بلادنا على امتداد عصور القهر واحتلال الأرض والإرادة القومية.
الشواهد بالطبع عربية، لأن الأدوات عربية،
لكن ما يحدث إننا نرمي بعيوب الحكام وضروب جنونهم ونزواتهم، وتسحب منا أو تلغى فضائلنا الطبيعية كبشر،
إذا خان حاكم يقال إن العرب خونة، وإذا انحرف آخر يدان العرب جميعاً بالانحراف، وإذا سفك ثالث دماء شعبه يتهم الشعب نفسه بالوحشية،
وتنسى، قصداً أو بالغفلة، حقيقة بسيطة تقول: إن هذه جميعاً هي نتاج طبيعي لهذا العصر،
هذه وليست مواصفات العروبة والعرب،
هذه ليست مواصفات الشعبي العربي،
إنها بعض مواصفات العصر الأميركي – الإسرائيلي،
والمهم المهم ألا نفقد القدرة على التمييز بين ما هو أميركي مستعرب وبين ما هو عربي بالفعل والانتماء الأصيل لهموم الأمة وطموحاتها.
فالهدف النهائي للمؤامرة هو أن نقع في مثل هذا الخطأ القاتل، فننتحر يأساً أو قرفاً أو فزعاً مما نرى ونسمع.
وهذه دعوة للحياة والأمل، وليست بأي حال دعوة لليأس ولا للانتحار خاصة،
فالحياة تكون لنا بمقدار ما نكون نحن نحن، أما إذا بتنا كما يريدنا الآخرون فعلينا إذن أن نقبل القدر الذي يفرضه علينا الآخرون،
والآخرون هنا هم “اليانكي”

Exit mobile version