طلال سلمان

على الطريق هو هو عدوك!

دخل السادات التاريخ. سيذكراسمه بعد اليوم مباشرة بعد أسماء هرتزل وبلفور ووايزمان وبن غوريون “وغولدا مائير وموشي دايان” بوصفه واحداً من مؤسسي دولة إسرائيل ومن مرسخي وجودها ومن “المناضلين” لتحقيق حلمها الإمبراطوري.
دخل السادات التاريخ. خرج من وعلى شعبه، وخرج من وعلى أمته فدخل تاريخ عدوها القومي والحضاري، عدو ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وعدو حقها الطبيعي في الوجود وفي التوحد وفي صنع الغد الأفضل.
دخل السادات التاريخ. اختار لنفسه أن يكون العدو الشخصي لكل إنسان في هذه الأرض العربية، للمئة وأربعين مليون عربي بالنساء فيهم والرجال، بالكهول والشباب والأطفال وحتى الأجنة، فقال تماماً عكس ما يقولون عن إيمان ويقين. لقد أهدر من عمر كل منهم ثلاثين سنة. حولها من سنوات كفاح وصمود وتصد للغزوة الصهيونية الهمجية المدعمة بقوى الاستعمار والإمبريالية، إلى سنوات عبث وجنون وخطأ فاحش! وحول العرب من أصحاب قضية كما سائر المكافحين من أجل حقهم في حياة حرة وكريمة فوق أرضهم، إلى معتدين وقراصنة وقطاع طرق ومهددين للسلام العالمي والحضارة الإنسانية.
إنه يحاول أن يلغيك، أنت، أيها البني آدم العربي، أن يشطبك، يريدك أن تنسى من أنت وأين أنت.
… وخاتم زواجك الذي نزعته برضى وقدمته للمجهود الحربي!!
دخل السادات التاريخ وبخطوات إسرائيلية، بل توراتية: من مطار بن غوريون، إلى فندق الملك داود، إلى الكنيست وحائط المبكى وسائر معالم “أرض الميعاد” المكتوبة حجتها باسم “شعب الله المختار”.
دخل السادات التاريخ. بعد اليوم لن يسبق اسمه اسم في سجل المارقين والمنحرفين ومغتالي آمال شعوبهم ودماء شهداء نضال أمتهم. هل فعل فعلته أحد حتى يستحق منزلة “تعلو” منزلته؟ هل أهدر غيره، وبمثل كفاءته، مشروع نصر كالذي صنعه جيش عبد الناصر مع جيش سوريا، فقلبه إلى هزيمة أبشع من الهزائم العسكرية لشعوب الأرض مجتمعة، وهل سفح غيره، بمثل قحته، كرامة أمته فأذلها إذلالاً وحقرها تحقيراً وعفر جبينها أمام العدو، وقزمها، وأفقدها احترام الصديق، وتضامن أنصار الحق والحرية والتقدم في العالم؟!
دخل السادات التاريخ،
وهو مرشح بعد لأن يدخله مرة أخرى
والقرار لشعب مصر العربي، لجيش مصر، لكل رجل وامرأة وطفل في مصر، كما لكل إنسان عربي… فهو الآن عدو هؤلاء جميعاً، ومن حق أي منهم أن يصدر الحكم وأن ينفذه، ذلك أن أنور السادات وضعنا جميعاً أمام الخيار: اما نحن وأما هو،
وسنبقى، وسنكمل المشوار. وستبقى مصر عربية، عربية، عربية.
فإلى النضال والعمل بدلاً من الذهوب واللطم والتفجع.
هي مرحلة جديدة تتميز بالصراحة الكاملة والوضوح المطلق. فلنتحرك إذن، ولنرص صفوفها في مواجهة المحنة التي قد تفيد في تسريع حركة التاريخ الذي زوره السادات من أجل أن يدخله ومعه حفنة الملوك والسماسرة والمارقين.
فلنصنع تاريخنا نحن. فلنحم حياتنا نحن فلننصر أمتنا نحن.
والتاريخ، في النهاية، ليس موظفاً عند السادات ولا عند خدينه مناحم بيغن.

Exit mobile version