طلال سلمان

على الطريق هوامش على مفكرة انتظار العيد الآتي عن نواب الغيبة وملوك الخيبة وأخوة السلاح!

كنا بريمون اده واحد فصرنا ببضعة عشر ريمون اده.
الفارق الوحيد إنه يرى نفسه (؟!) وفقاً لما رسم ميشال عون نائباً سابقاً، ويرون أنفسهم نواب الشعب في الماضي والحاضر والمستقبل… كمثل أرز لبنان: من الأزل وإلى الأبد!
كلهم يريدنا – نحن اللبنانيين المقيمين في قلب الموت – أن ننظف لهم ، وبالسخرة، البلاد من الحروب والجيوش والميليشيات القمامة، فإذا ما انتهينا – ولو انتهينا – من مهمتنا، عادوا ليمنحونا شرف تولي الحكم أو المشاركة فيه.
كلم يريدنا – نحن اللبنانيين المقيمين في قلب الموت – أن ننظف لهم، وبالسخرة، البلاد من الحروب والجيوش والميليشيات القمامة، فإذا ما انتهينا – ولو انتهينا – من مهمتنا، عادوا ليمنحونا شرف تولي الحكم أو المشاركة فيه.
لكأن مشكلتنا في نقص الحكام، شرعيين ومتمردين ومغتصبين للسلطة بقوة السلاح،
على إن الأدهى إنهم يحاولون بيعنا اتفاق الطائف مرة ثانية!
لكأن غيرهم صنع هذا الاتفاق ، ويريد الآن فرضه عليهم بالحيلة أو بالقهر أو تمريره خلسة،
في حين إنهم “قبضوا” ، قبل إبرام “الصفقة” وبعدها: قبضوا إعادة الاعتبار وتكريسهم مصدراً أوحد للشرعية، ثم قبضوا التمديد لأربع سنوات (!!) مع رئاسة الجمهورية وغالبية مقاعد الحكومة المشرفة بلقب الوحدة الوطنية.
ولعلهم قد منوا ببعض الخسارة، مادياً، وببعض الشقاء والبؤس بسبب التهجير، لكنهم في هذا مثلهم مثل الغالبية الساحقة من شعبهم… ولا يحب واحدنا أن يفترض إنهم يطالبون بثمن التضامن الوحيد مع ناخبيهم ورعاياهم البؤساء.
للمناسبة إن الشعب اللبناني يدفع لهم اليوم، تعويضاتهم ومخصصاتهم الاستثنائية من قوت يومه، وسيدفع غداً تعويض خسائرهم بغير منة، ولعلهم سيفرضونها عليه مضاعفة.
في أي حال فإن النقاش مع “نواب الخارج” مستحيل،
وأضعف ما في موقفهم إنهم في الخارج، وإن حوارهم “خارجي” يفتقر إلى الحرارة وصدق المعاناة.
ومن حق اللبنانيين ألا يفهموا كثيراً مما يقوله “نوابهم” في تبرير استمرار غيابهم.
فالحوار الدائر على أرض فرنسية بلغة أميركية حول إنجاز سعودي (ولو باسم المكان) يصعب فهمه على ناقصي الثقافة من اللبنانيين الذين بالكاد يجدون من يستمع إلى همومهم الثقيلة، وبينها نوابهم وبالذات منهم وزيرا الوحدة الوطنية… مع وقف التنفيذ!
كلام الملوك…
أهم مساعدة ملكية عربية عاد بها الوفد الرئاسي من جولته على دول اللجنة العربية العليا، ذات طابع صحي، ومن الواجب تعميمها لفائدة الجمهور.
ملخص الترشيد الملكي الصحي.
“انتبه إلى وضع يديك وأنت جالس. لا تقبضهما واحرص أن يكونا دائماً في وضع استرخاء.
“الأهم أن تنتبه إلى وضع جسدك حين تنام. نم على كل ظهرك وافرد ذراعيك بمداهما، ويفضل أن تقراً قبل النوم رواية يستحسن أن تكون خفيفة، ويا حبذا لو تكون قصة حب، مثلاً، فإذا نشدت الكمال فلتكن مصورة ليس ألذ وأكثر فائدة من أن تغمض عينيك على صور الجمال…”
الأخوة الفقراء فوق والأخوة الأغنياء تحت
الطيار السوري في قاعدة بطبرق التي احتفلت، أمس، بالذكرى العشرين لإجلاء قوات الاحتلال البريطاني عنها.
وبعض الطائرات الليبية، ولو للتدريب، تذهب هدية إلى سلاح الجو الشقيق في مصر.
ومن قبل عشرين عاماً اشترت ثورة الفاتح في ليبيا طائرات الميراج الفرنسية بطلب من قائد حركة النهوض العربي جمال عبد الناصر، حتى لا يكون لطيران العدو الإسرائيلي أي تفوق، وكان في الدفعة الأولى من الطيارين الذين ذهبوا للتدريب في فرنسا عدد كبير من الطيارين المصريين الأشقاء.
وعلى امتداد السنوات الأخيرة يشارك عدد من الطيارين الأشقاء السوريين ومجموعات من كتائب الدفاع الدوي كتفاً إلى كتف مع أشقائهم الليبيين في حماية نظافة السماء العربية فوق الجماهيرية.
ما أعز هذه المشاهد التي باتت نادرة في حياتنا العربية المعاصرة.
لقد افتقدنا ، بفضل سياسات حكامنا، الحد الأدنى من روح التضامن، وأضعفنا غريزة الدفاع عن النفس وحفظ النوع نتيجة لسياسة “أنا ومن بعدي الطوفان”.
بالمقابل تعلن المملكة السعودية، رسمياً، انسحابها من الهيئة العربية للتصنيع الحربي، التي كان مؤسسوها يطمحون إلى بناء قوة ذاتية عربية يفيد منها الجميع: الخبرة والتجربة والمنشآت تقدمها مصر، التي كانت قطعت شوطاً لا بأس به في هذا المضمار، وبعض عرب النفط يقدمون الأموال اللازمة.
بدلاً من ذلك تشتري كل دولة عربية الآن، وعلى حدة، ما يفيض عن حاجتها من السلاح، وما يستهلك نسبة عالية من مواردها،
وبغض النظر عن إن السلاح المشترى لا ينفع في الغالب الأعم لمواجهة العدو (أي عدو؟!)، وإن كان ينفع أصحاب النفوذ إذ يرفع أرصدتهم في الخارج إلى أرقام فلكية بفضل خيرات العمولة.
وبغض النظر عن إن شراء الضعيف سلاحاً معقداً من القوى القادرة إنما يربطه به ويكبله بدل أن يكون عاملاً مساعداً لتحرره،
فإن أسوأ ما في الأمر إن بعض الدول العربية تكرر، بوعي، في مجال صناعة السلاح ما ارتكبته من أخطاء وخطايا في مجالات التصنيع الأخرى.
إن الكل تقريباً “يتزاحم” في المجال الضيق ذاته، بحيث يستنزف مزيداً من الطاقات والامكانات والوقت في ما كان يمكن الحصول عليه من مصدر عربي واحد.
وبالمقابل تعلن الكويت خروجها من (وعلى) اتفاق الوحدة الاقتصادية التي ولدت ثم جانبها النمو في أحضان جامعة الدول العربية.
الأغنياء يهربون من أخوتهم الفقراء ويذهبون إلى البعيد، فإذا ما أعوزتهم الحماية طلبوها في العلم الأميركي الخفاق!
الأغنياء يهربون بأموالهم من القضية، فتذهب القضية ولا تبقى لهم من أموالهم إلا ما يبقي “مجدهم” كأفراد على حساب شعبهم والأمة.
الأخوة الأغنياء يقتربون بسرعة من صورة الأخوة – الأعداء.
الأخوة الأغنياء يفسدون في الأرض ما يحاول صنعه الأشقاء الطيارون في السماء.
لكأنهم يريدون إطفاء الضوء الأخير.
الأخوة الأغنياء يفضلون الليل.. فالليل ستار العيوب الملكية!
ثم إن الليل هو وقت الاسترخاء على الطريقة الملكية المشار إليها، آنفاً!
إلى الخطوة 5543!
بعيد هو زمن العيد، نستشرف موعده بالتمني وبالاصرار على استيلاده من قلب الحزن والحطام ورماد الآمال المنسوفة والمحروقة والمجهضة،
لكن “السفير” قطعت معكم 5542 خطوة في الطريق إلى العيد.
كم تبقى؟!

لا يهم، المهم أن نبقى معاً وألا نضيع عن الطريق أو يضيع منا في غيهب الموت الذي يكاد يلتهم شوقنا إلى الحياة، بالحب والخير والحق والجمال فيها.
“صوت الذين لا صوت لهم” باقية، جريدة لبنان في الوطن العربي، وجريدة الوطن العربي في لبنان.
ومعاً سنبقى، وسيشهد كل ربيع ولادة جديدة لإيماننا بحقنا في البقاء فوق أرضنا، وبإرادة الحياة فينا، وهي أقوى من أدوات الموت مجتمعين.
وها الأرض ممتلئة زهراً وورداً ورياحين وشذى عطر برغم المدافع والطوائف والقناصين، وغيلان المضاربة على الليرة واكلة رغيفنا وكتابنا المدرسي.
فكل عام وأنتم بخير..
وإلى الخطوة 5543. إلى الغد.

Exit mobile version