طلال سلمان

على الطريق هل العربي عدو للديموقراطية؟

قد يكون صحيحاً ما يقوله الأخضر الإبراهيمي من أن “جبهة الإنقاذ الإسلامية تريد إعادة الجزائر إلى القرون الوسطى”، بسبب من سلفيتها وغربتها عن العصر،
ولكن هذا التخوف الافتراضي لا يمكن أن يلغي التخوف الجدي من خطر داهم يتهدد الجزائر الآن بسبب من الرعونة التي يدير بها حكم الجيش أزمة البحث عن الذات وعن المستقبل التي تعصف ببلد المليون شهيدز
لكأنما بات الحكم أهم من الجزائر! أو لكأنما حكم المدفع سيقود الجزائر إلى قلب القرن الحادي والعشرين!
فهل بذريعة حماية الجزائر من احتمال حكم فظ ومتخلف ودكتاتوري النزعة نفرض – بالحديد والنار – حكماً لا يحمل ملامح النقيض، ولا تصح نسبته لا إلى الرحابة ولا إلى الديموقراطية ولا إلى التقدم والانفتاح الفكري والعقائدي؟
هل الدبابة هي الحل لأزمة الديموقراطية؟!
وهل القمع هو طريق هداية الجمهور “المستغفل” و”المضلل” والمنساق بغرائزه أو بعاطفته أو بانسحاقه وراء توجه رديءولكن له سحره كالذي تمثله جبهة الإنقاذ الإسلامية؟!
وبالتأكيد فإن هذا الجمهور كان يعقد الأمل (ولعله ما زال يعقده) على رجال مستنيرين ومثقفين ومنفتحين وديموقراطيين بالنشأة أو بالتكوين أو بالاختيار الواعي أمثال الكادرات التي خرّجها النضال الوطني والتحرري المجيد في الجزائر، وبينها محمد بوضياف أو سيد أحمد غزالي أو الأخضر الإبراهيمي الخ..
وبالتأكيد فإن بين ما يحزن النخبة العربية، عدة الغد الأفضل، أن يتهاوى هؤلاء الرجال بسبب من ضيق الصدر أو ضيق الأفق، أو أن يثبتوا وكأنهم لا يختلفون في شيء عن الآتين من الماضي، ليصادروا المستقبل.
أليس في هذه الأمة، من نخبها المثقفة، من هو قادر على تجاوز امتحان الحس الديموقراطي والإيمان بشعبه، بنجاح؟!
هل كلهم سواء في رفضهم للآخر، ورفضهم للحوار، وإصرارهم على تكرار التجربة البائسة التي لم تؤد إلا إلى سلسلة لاتنتهي من الهزائم الكارثية: هل المدني مثل العسكري وهل رجل الدين مثل الأستاذ المهندس وهل المفكر القومي مثل المنظر اليساري مثل المتزمت المحافظ… هل كلهم أعداء للديموقراطية، أعداء لبعضهم البعض، أعداء لأنفسهم؟!
إن حكم الجيش في الجزائر يحول جبهة الإنقاذ من متهم (بالتخلف والسلفية والدكتاتورية و…) إلىشهيد لقضية الحرية وتوكيد الهوية الوطنية والقومية (والدينية)،
إنه يحكم سلفاً ويدين سلفاً تجربة لما تتم بالفشل، وينفذ الحكم بالحديد والنار، فيقرر سلفاً عدم صلاحيته سواء كحُكم أو كحكم.
والمؤكد أن حكم الجيش هو الذي فضل، حتى الآن، حتى لو استمر إلى ما شاء الله وقضى نهائياً على جبهة الإنقاذ.
وبين مخاطر هذا الفضل أن يكون فتح الطريق عريضاً ووفر فرص النجاح للذي أراد وحاول أن يمنع وصوله: أي استيلاء جبهة الإنقاذ على الجزائر ثم على ما بعدها.

Exit mobile version