طلال سلمان

على الطريق هزائم العصر الأميركي

ليس نصراً للعرب والعروبة أن “يهزم” الجيش العربي المصري جيش الجماهيرية العربية الليبية،
كذلك ليس نصراً للعرب والعروبة أن “يهزم” الجيش العربي الليبي جيش جمهورية مصر العربية، إذا ما افترضنا إمكان حدوث ذلك عسكرياً.
النتيجة هزيمة للإنسان العربي في كل حال،
فليس مما يعزز قضية الإنسان العربي ولا مما يرضيه ويسعده ويحقق أمانيه ومطامه، أن تتطور الخلافات بين حكامه إلى صدامات بين جيوش الأقطار العربية، وأن يقوم الطيران العربي بضرب أهداف عربية، وأن تقتحم المدرعات العربية أراضي الأقطار العربية الشقيقة، حتى بالمعنى الحرفي للكلمة.
ومثل الذي يحدث الآن بين مصر وليبيا هو هم جديد ومصدر جديد للحزب والقلق المصيري يضاف إلى الهموم الكثيرة والأحزان القديمة المتراكمة ومصادر القلق العديدة التي تحرمه هناءة الحاضر وأيضاً القدرة على الحلم بمستقبل مختلف… مستقبل يليق به كإنسان، ويليق بكرامة القضايا التي يفترض أنه نذر نفسه لها.
قبل الصدامات بين مصر وليبيا كانت هناك الصدامات في الصحراء بين الجزائر والمغرب وموريتانيا، والأجواء المتوترة باستمرار بين العراق وسوريا، وبين العراق والكويت، ثم كانت تلك المأساة المفجعة والمدمرة في لبنان والتي التهمت عشرات ألوف الشباب ومعهم مشاعر الأخوة بين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين وسائر العرب.
في ضوء هذا كله تبدو هذه الأحداث الخطيرة وكأنها طابع مميز للعصر الأميركي – الإسرائيلي الذي يفرض هيمنته الآن على المنطقة العربية.
الخطة هي زرع أو بعث أو افتعال أسباب للعداوة بين العرب أنفسهم، العرب كبشر وليس كأنظمة وحكام وسياسات متعارضة.
الخطة هي أن يكره العربي العربي،
أن يكره كل عربي، أي عربي،
وبمقدار ما تنمو الكراهيات العربية – العربية تختفي وتضمحل الكراهية الطبيعية التي يفترض أن يكنها كل عربي، وأي عربي للعدو القومي (والوطني طبعاً) والحضاري: أي إسرائيل ومن معها ومن وراءها.
فهذه تنمو على حساب تلك، ومع الأيام ينسى الجميع إسرائيل والهيمنة الأميركية والاستعمار لينشغل العرب بعداواتهم الإقليمية التي لا تفعل غير تدمير قواهم السياسية والعسكرية والاقتصادية والمعنوية، وهذا هو أخطر ما في الموضوع.
لقد نجحت الصهيونية العالمية في أن تخلق ظروفاً مؤاتية لملايين اليهود المشتتين في أربع رياح الأرض كي يتلاقوا على هدف واحد وفي أرض واحدة، بينما تبتدع القيادات العربية للشعب العربي الواحد أسباباً للفرقة والشتات والضياع الفكري.

Exit mobile version