طلال سلمان

على الطريق من واشنطن.. مع التحيات

من واشنطن بعث الرئيس الأميركي فورد إلى أصدقائه وأنصار السياسة الأميركية ومنفذيها في المنطقة العربية بهدية ثمينة، إضافة إلى تحياته: لقد وهبهم منطقاً كانوا بأمس الحاجة إليه، بعد فشل العزيز هنري في مهمته وإعلانه عن وفاة دبلوماسيته الشهيرة باسم “الخطوة خطوة”.
لقد حمل فورد إسرائيل مسؤولية فشل المبعوث الأميركي ومهمته، وصور العزيز هنري بصورة الضحية والمجني عليه والذي حاول – عبثاً – إنقاذ الموقف باذلاً ماء وجهه على أعتاب التعنت الإسرائيلي، بغير جدوى.
وابتداء من الغد سنعود إلى سماع النغمة القديمة “منقحة ومزيدة” ومعززة بكلام الرئيس فورد شخصياً: أميركا تريد إعادة الأرض العربية المحتلة لأصحابها العرب، لكن إسرائيل متصلبة ولا تريد!. أميركا تود وتتمنى أن ينتهي تشرد شعب فلسطين، لكن إسرائيل اللعينة لم تحقق لها هذه الأمنية!. أميركا تصل الليل بأطراف النهار سعياً إلى السلام، لكن إسرائيل الغبية والجاهلة لا تقدر قيمة السلام!
باختصار: أميركا بريئة تماماً، مخلصة تماماً، صادقة تماماً في حبها للعرب (ونفطهم)، لكن إسرائيل خيبت آمالها فيها ولم تصغ إلى نصحها، وأصرت على ركوب رأسها.. ولو إلى الحرب!
الحرب بماذا؟
بالمخزون القياسي والرهيب من الأسلحة الأميركية التي تدفقت عليها، على هامش مهمة العزيز هنري المكوكية، تطميناً لها وتأكيداً لاستمرار واشنطن في دعمها ومساندتها وضمان أمنها بل وسيطرتها على ما احتلته من أرض عربية، إضافة إلى وجودها ذاته.
.. وبالمساعدات الأميركية الهائلة التي أغدقت على إسرائيل، وكانت الوحدة فيها المليار وليس المليون من الدولارات،
.. وبالضعف الذي أصاب الجبهة العربية المحاربة، نتيجة للممارسات الخاطئة التي اعتمدتها القيادة المصرية فأبعدت الحليف الأقوى، دولياً، والشقيق الأسخى، عربياً، بالجهد والروح والمال.
بهذا الفهم للموقف يبدو كلام فورد إنذاراً للعرب أكثر منه لوماَ لإسرائيل.
إنه يقول لنا، بالفم المليان: إن إسرائيل من استقلالية الإرادة بحيث يمكنها أن تضرب بنصحي عرض الحائط، ومن القوة بحيث يمكنها أن تحارب العرب وتنتصر عليهم، ولذا فلا بد من مداراتها ومحاولة التفاهم معها على حد أدنى آخر غير ذاك الذي عرضه عليها العرب عبر كيسنجر.
وهل ثمة، بعد، أدنى من ذلك الأدنى؟!
على أي حال إن فورد يكرر على العرب إن أمامهم خياراً محدداً: الخضوع للشروط الإسرائيلية أو الذهاب إلى الحرب الإسرائيلية، ويغسل يديه سلفاً من النتائج، رغم إن الحالتين تحملان دمغة “صنع في أميركا”!
والجواب غير مطلوب من إسرائيل، فهي بالنتيجة فارضة السؤال!

Exit mobile version