طلال سلمان

على الطريق من عين الرمانة إلى الأوزاعي

أمس، حين نزلت الكتائب إلى الشارع، بخيلها ورجلها وأسلحتها الثقيلة والخفيفة، فقتلت ودمرت ووضعت البلاد على حافة حرب أهلية، لم تجد الدولة ما تفعله غير الوقوف على الحياد وفي فمها صفارة الحكم!
ذبح 27 مواطناً لبنانياً وفلسطينياً في سيارة “باص” مدنية، ثم ذبح بعدهم المئات بسبب إن الدولة لم تتحمل مسؤولياتها فلم توقف القتلة، وهي تعرفهم، وبعلم الله أن كانت ستوقف أحداً بعد – في المستقبل – أم ستكتفي بالثنائي الكتائبي المسلم بعد ألف واسطة وربما ألف ضمان وضمان.
وكان واضحاً إن الكتائب ليس فقط لا تخاف الدولة بل هي منت عليها ولا تزال تمن عليها بأنها قاتلت نيابة عنها، وباسمها ولعزها ولمجد لبنان الأخضر!.. لبنان الطبقة المستغلة والمحتكرة، لبنان الاقتصاد الحر والارتباط بالغرب، لبنان الكيان المعادي للعرب والعروبة ولأبنائه الفقراء والبؤساء والكادحين.
ولقد فهم الفقراء والبؤساء معنى نزول الكتائب ومعنى إصرارها على افتعال الصدام مع المقاومة الفلسطينية، ومعهم… ولم يكن وقوفهم إلى جانب المقاومة وحملهم السلاح معها مجرد عطف أو تعاطف أو مجرد تعبير عن استنكار للظلم والعدوان، وإنما كان وقوفهم تعبيراً عن موقف سياسي ناضج، له بعده الطبقي الواضح.
فقاتل الفدائي لا يمكن إلا أن يكون عدواً للفقراء والبائسين والكادحين والمستضعفين في الأرض،
والمحامي بالسلاح عن نظام الاحتكار والاستغلال والسمسرة وطبقة الأربعة في المئة، لا يمكن إلا أن يصطدم بالمقاومة الفلسطينية وإلا أن يعاديها… أما الهدنات معها فليست أكثر من محطات لالتقاط الأنفاس وحشد القوى اللازمة للتصفية.
واليوم يفهم الفقراء والبؤساء والكادحون معنى نزول الدولة بقضها وقضيضها في الاوزاعي، لهدم البيوت – الأكواخ التي أقاموها لتأويهم في غياب المساكن الشعبية والمنازل الممكن استئجارها والحياة فيها… بعد استئجارها.
إن الجانب القانوني للمكية الأرض والبناء في أرض الغير، إلى ما هنالك من دفوع فقهية هو آخر ما يهم الدولة والنظام الفريد،
فعندما يكون قتل “الغير” مسموحاً، يصبح من الجدل البيزنطي أن نناقش اغتصاب “الغير” ملكية الشواطئ البحرية! خصوصاً وإن مناقشتها تفتقر أكثر ما تفتقر إلى الفقه والقانون والحق و… وجود الدولة!
وكيف يمكن للفقراء في ظل نظام يضطهدهم إلى حد الموت، إلى حد القتل برصاصه الرسمي أو برصاص الكتائبي، إلا أن يغتصبوا أرضاً لمساكنهم وأيضاً لقبورهم؟!
والسؤال السؤال: من هو المغتصب، وإلى متى يظل اغتصابه قانوناً ويظل رفض هذا الاغتصاب خروجاً على القانون وعصياناً يقمع بقوة السلاح؟!

Exit mobile version