طلال سلمان

على الطريق من أجل 6 حزيران!

نكتة هي أن تذكر الناس بأن اليوم هو الخامس من حزيران.
فهم سيسألونك فوراً: وأين الرابع، بل أين أين السادس من حزيران، ومتى ترانا نكسر السور ونخترق “الروزنامة” الأميركية وصولاً إلى ما بعده؟!
ومتى متى نتجاوز اليوم – المرحلة، اليوم – العصر، اليوم – الدهر الذي أطل نكسة، ثم استحال مع غياب القائد فاجعة، قبل أن يصبح هزيمة ساحقة ماحقة، على يدي أنور السادات ومن ماثله وماشاه وواكبه ووالاه ووالى مولاه في زمن الردة والتردي الممتد ليلاً بلا فجر فوق دنيانا العربية الفسيحة؟!
وهم سيسألونك : حسناً، فأين الوعد؟! لقد همدت الحركة ومات اليوم فأين هي علامات الحمل، أين الجنين المبشر بغد، ببعد غد أفضل؟!
وهم سيسألونك: أبهؤلاء الحاكمين سعيداً الآن ستكون القيامة وعلى أيديهم المخضبة بدماء عشاق الشمس سيأتي النصر؟! وإذا لم تكن الهزيمة هم فكيف تراها تكون، وكيف تراها ستزول طالما أنهم قاعدون؟!
… ويسحبك الذهب إلى دنيا “الشتات” وهم، السادة الحكام، يحدثونك بكلماتك أنت، ومنطقك أنت، بل ويسرقون منك التنهيدة والزفرة الحرى وكمدالمقهور وحسرة القادرالمكب لينسجم مع مقتضيات نظرية العجز الشالم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
لم يتبق لنا شيء. لم يتركوا لنا شيئاً. أضاعوا الأوطان والأرض، الآمال والطموحات والأماني، براءة الأطفال وزخم الشباب، نضج الرجولة، وحكمة الشيوخ وسرقوا حتى الأحزان ليحولونا إلى “كم” تافه لا اسم له ولا شكل، لا طعم له ولا رائحة، ليمكنهم من ثم أن ينسبوا عجزهم إلينا.
وأكثر، وأكثر: إنهم بهذا يجعلوننا نياس من أنفسنا، من أجيالنا الآتية، فنردد ما يقولونه فينا وكأنه حقيقي الكجرح، ونلعن أمتنا “من المي للمي”، فتلك هي الطريقة الوحيدة لتبرئتهم وللاستسلام لوجودهم ولكل ما ينتج عنه باعتبار أنهم “أفضل الموجود” أو “الأقل سوءاً” إذا ما خصر ببالهم أن يتواضعوا وأن يجبروا خواطرنا المكسورة.
أن “5 حزيران” هو الذي يحكمنا، ومن موقعه هذا يخدعنا فيوهمنا أنه إنما يحكمنا من أجل أن يزيل آثار 5 حزيران!
إن “5 حزيران” يحكمنا على المستويات كافة، السياسة والكفرية، الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. إنه يعشش الآن في رؤوسنا ويصطنع لنا قيماً ومفاهيم غير التي نشأنا عليها والتي نحتاج.
إنه يصور لنا النضال مكابرة وشقاء غير مجد، والاستسلام ذكاء ومهارة في التكتكة وخداع الخصم، والانحراف سياسة عملية قادرة على تدمير الصهيونية،
إنه ينصب النفط إلها ويطلب إلينا أن نركع له ولأصحابه “الشرعيين” من أبناء الحضارة الذين يقدرون قيمته ويعرفون كيف يسخرنوته لتقدم الإنسان ورفاهيته، ولذا فمن العار والجبن والخسة والنذالة أن يستخدم النفط سلاحاً سياسياً، والعرب لم يقبلوا في تاريخهم العار والجبن و… و…
أين السادس، أين السادس، أين السادس من حزيران؟!
أنه بعيد بعد، لأننا لم نبدأ السير نحوه،
إنه بعيد، وسيغدو أبعد، طالما ظللنا واقفين منتظرين أن يأتينا حيث نحن، تماماً كما جاءنا “5 حزيران” حيث نحن،
والسؤال: من يبدأ، من يخطو الخطوة الأولى،
من له قدم تسابق قدم بسام الشكعة وكريم خلف؟!
في الجواب يكمن جنين اليوم السادس المفتقد والمرتجى والمنشود… والذي ينتظرنا.

Exit mobile version