طلال سلمان

على الطريق ملاحظات على كلام الرئيس

وأخيراً تكلم رئيس الجمهورية،
صحيح إن كلامه الذي جاء بعد طول مطالبة، لم يكن موجهاً للشعب بل لمجلس الوزراء، وإنه لم يسمع منه مباشرة بل عبر “مصفاة” الأجهزة الرسمية، ولم ينشر بنصه بل بمضمونه، ولكنه على أي حال كلام الرئيس…
وأول ملاحظة على هذا الكلام إنه – بمضمونه المنشور – يبرر صمت الرئيس الذي طال واستطال بقدر ما طالت واستطالت الأزمة الدموية التي يعيشها لبنان.
إن رئيس الجمهورية يقدم، هو الآخر، السيادة على اصلاح، ومن ثم على الأمن، وهذا المنطق كان مطروحاً باستمرار، وقد تبنته الكتائب طوال الوقت، وكانت تردده ليل نهار، كذلك فإن كميل شمعون كان يلجأ إليه كلما اضطرته التنظيمات المارونية المتطرفة إلى موقف مزايدة يعزز به مواقعه في الشارع المسيحي.
بهذا المعنى فإن رئيس الجمهورية لم يكن يجد حاجة إلى الكلام، لأن ما يريد أن يقوله مطروح للناس ومعروف منهم، سواء أوافقوا عليه أم دخلوا في مناقشة له، أم رفضوه بلا مناقشة.
وبهذا المعنى فإن رئيس الجمهورية يبدو وكأنه اختار لنفسه موقع الطرف بدلاً من موقع الحكم الذي يفترض أن يمارسه من خلال منصبه في رئاسة الجمهورية.
ومع هذا فإن سليمان فرنجية يبدي الدهشة لأن يكون الناس بصدد مناقشة صلاحيات رئيس الجمهورية… مع التذكير إن منطلق هذه المناقشة اعتقاد الكثير من الناس، صواباً أو خطأ، إن رئيس الجمهورية طرف في الأحداث وليس حكماً فوق الأطراف الضالعة أو المتورطة فيها.
الملاحظة الثانية على كلام الرئيس إنه في إثارته لموضوع السيادة يغفل تفصيلاً بسيطاً هو إن الذين لا يتعبون من طرح هذا الموضوع إنما يتهمونه ضمناً بالتفريط في السيادة.
وإلا فما معنى أن تشدد الكتائب على إن قضية السيادة قديمة وليست جديدة، وإنها بدأت – عملياً – في العام 1970؟!
هذا مع الإشارة إلى أن هذا الموعد المحدد، اعتباطاً أو لقصد مقصود؟، لا يبعد إلا بمسافة بضعة شهور عن موعد توقيع اتفاق القاهرة الذي عقد في ظل حكومة كانت الكتائب ممثلة فيها، والذي لا تزال الكتائب تعلن حتى اليوم موافقتها عليه والتزامها به.
الملاحظة الثالثة على كلام الرئيس إنه يتوجه به إلى المستقبل أكثر مما يعني به الماضي. فالاصلاح في نظره مشاريع تعد لكي تدرسها اللجان فإذا أقرتها رفعتها إلى مجلس الوزراء الذي يحيلها – إذا ما وافق عليها – إلى المجلس النيابي (أي مجلس؟) وهناك يتقرر مصيرها.
والسيادة، في نظره، موضوع متصل بالوجود الفلسطيني، وعلى هذا فسيظل هذا الوجود ومهما نظم مصدر خطر (بنسبة أو بأخرى) على السيادة.
ربما لهذا كله رأى كثيرون في كلام الرئيس فرنجيه “برنامجاً” لأي طامح إلى رئاسة الجمهورية أو طامع بها بعده.
ووفقاً لهذا التصور فإن المرشحين الطبيعيين لخلافة سليمان فرنجيه، ممن أبدوا – مسبقاً – موافقتهم على هذا البرنامج والتزامهم به هم: كميل شمعون، بيار الجميل، طوني فرنجيه، والأباتي شربل قسيس.
وعلينا أن ننتظر حتى السبت، مبدئياً، لنعرف بقية الكلام إلى أين يريد الرئيس أن يصل بنا.

Exit mobile version