من واجب المقاومة الفلسطينية، وليس فقط من حقها، أن تقلق على مصر شعبها وقضيته (إضافة إلى مصيرها هي) وأن ترفع صوتها بالشجب والاستنكار والرفض والاحتجاج، وأن تتحرك وتستنهض همم الآخرين للتحرك من أجل إحباط المشاريع الاستسلامية، وأبرزها الآن الاتفاق الجزئي بين مصر وإسرائيل والذي بات جاهزاً للتوقيع،
ومن واجب سوريا، وليس فقط من حقها، أن تعبر عن قلق مماثل، وأن تعلن رفضها لسياسة الخطوة – خطوة، وأن تنبه إلى أن أميركا تضغط فعلاً ولكن على العرب وليس على إسرائيل،
ومن واجب الثورة في ليبيا، وليس من حقها فقط، أن تتحرك على كل صعيد في مقاومة السياسة الخاطئة والمنحرفة والمفرطة التي ينتهجها الحكم القائم في مصر،
ومن واجب الحركة الوطنية في لبنان، وليس من حقها فقط، أن ترفع صوت الرفض العربي الشامل للاحتلال الأميركي الجديد للأرض العربية، مع بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي فيها،
ومن واجب العراق، والجزائر، بل من واجب كل وطني في أربع رياح الأرض العربية أن يتحرك وأن ينخرط في صفوف المقاتلين ضد الاستسلام والمستسلمين، ضد الأميركان والمتآمركين، ضد إسرائيل والإسرائيليين العرب الذين أعطاهم المناخ السائد في المنطقة العربية فرصة لرفع عقيرتهم بالدعوة إلى خيانة صريحة، تارة بحجة “الموضوعية”، وطوراً بحجة “استخدام لغة العصر”، مرة باسم “الأسلوب المناسب لمخاطبة العقل الغربي”، ومرة أخرى باسم “تعويد العقل العربي على التعامل مع الوقائع والحقائق بغير تشنج عاطفي”!
إن الحكم القائم في مصر لا يفرط فقط بالتراب الوطني المصري، وبالسيادة الوطنية المصرية، وبالحقوق الوطنية للشعب العربي في مصر، ولكنه يفرط أساساً بالأرض العربية، وبالسيادة القومية العربية، وبالحقوق القومية للشعب العربي في مختلف أقطاره، وفي الطليعة بالطبع شعب فلسطين وحقوقه التي ضاعت وضيعت ألف مرة حتى الآن.
من هنا يكتسب تفريط النظام المصري بعده المأساوي من محدودية رد الفعل الرسمي العربي وقصوره.
ويبدو حكام القاهرة وكأنهم قد “نجحوا” مرتين: الأولى في الوصول إلى اتفاق جزئي مع إسرائيل، ثم إلى اتفاق آخر، والثانية في “تجزئة” الرفض العربي، وضمناً الرفض الوطني المصري.
ويجب أن يبدو واضحاُ – فلسطينياً وسورياً ولبنانياً وعراقياً وجزائرياً، أي عربياً – إنه ليس ثمة “قابل” و”رافض”.
ثمة، فقط، مستسلم ومقاتل،
مستسلم بأي شرط، ولكل شرط،
ومقاتل ضد الاستسلام وضد القوى التي تضغط لفرض الاستسلام، وبكل وسائل القتال المتاحة سياسياً وإعلامياً واقتصادياً وعسكرياً بالطبع.
وفوق هذا التحديد وعلى أساسه، يجب أن يتلاقى ويتكاتف كل المقاتلين،
… خصوصاً وإن القتال بات ضرورة من أجل الاستمرار على قيد الحياة، وليس فقط الطريق الوحيد المفتوح عملياً باتجاه المستقبل الأفضل.