طلال سلمان

على الطريق لبنان الفلسطيني

قليلاً من الصراحة، في مواجهة المحاولات الإسرائيلية لزرع الوقيعة بين اللبنانيين عامة، والجيش خاصة، من جهة، والفلسطينيين عامة، والمقاومة خاصة، من جهة أخرى.
إن إسرائيل تحاول الآن، وبمباركة أميركية، أن تقزم الوجود الفلسطيني إلى أقصى حد ممكن لتلغي تأثيرهم السياسي (والعسكري بالطبع) على مجريات مشاريع التسوية المقترحة، أو لاحتوائهم ضمنها ولكن ليس كطرف مستقل وإنما عبر الأنظمة العربية الموافقة.
وتقزيم الوجود الفلسطيني هو، بكل المعاني، أنقاض للحجم العربي، في ميدان المعركة (رحم الله أيام المعارك!) أو في جنيف، أو في أي مكان آخر. أي أنه حذف من الرصيد العربي، وإضافة إلى الرصيد الإسرائيلي.
هذا بالنسبة للعرب عامة، أما بالنسبة للبنان بالتحديد فتبرز الحقائق الأساسية التالية:
أولاً – لا يمكن تصور لبنان من دون فلسطينيين، فليس وارداً إجبار خمس سكان البلاد على الرحيل منها إلى … لامكان!
ثانياً – إن تضاؤل دور الفلسطينيين، لو تضاءل، سينعكس مباشرة على لبنان وبشكل سلبي بالتأكيد. ففي مواجهة إسرائيل، لبنان اللبناني – الفلسطيني (وبالتالي العربي) أقوى من لبنان منفرداً بإمكاناته المحدودة، وبالطابع الانعزالي الذي سيدمغ به نفسه، من ثم، بكل ما يترتب على مثل هذه الدمغة محلياً وعربياً.
ثالثاً – إذا كان من حق لبنان أن يطالب المقاومة بأن لا تتخذه مقراً وحيداً، ومعبراً وحيداً إلى الأراضي المحتلة، فليس من حقه بأي حال أن يطالبها بإلغاء ذاتها مراعاة منها لظروفه الخاصة.
وبالمقابل فإن من حق المقاومة بل ومن واجبها أن تستخدم الجبهات العربية الأخرى حتى لا يظل لبنان وحيداً في الساحة ، بما ينشط التيار الانعزالي فيه، ويعطي الابتزاز الإسرائيلي ثوباً من “المنطق” المقبول إقليمياً: لماذا نتحمل وحدنا، ونحن الأضعف، عبء القضية التي ناء بها العرب مجتمعين؟!
فلبنان لا يستطيع من موقع المسالم مع إسرائيل أن يفرض على الفلسطينيين شروط المحاربين، كما أن المقاومة المسالمة مع الأنظمة الأخرى لا تستطيع أن تفرض نفسها على لبنان بوصفها قوة محاربة فيه، وفيه وحده.
وهكذا فإن مصلحة لبنان في أن تظل المقاومة بحجمها، إذ أن حجمها هذا يزيد من رصيده العربي والدولي، وقبل: يكبره في عين إسرائيل.
أما الثمن فسندفعه سواء أكنا محاربين أم مسالمين، لأن ذلك يتصل بطبيعة إسرائيل ذاتها، وبطبيعة الصراع معها وهو صراع عربي – إسرائيلي وليس بأي حال اختلافاً على مساحة من الأرض بين فلسطينيين وإسرائيليين!
وخير لنا أن ندفعه بإرادتنا فنربح ويربح معنا الفلسطينيون، من أن ندفعه مكرهين فنخسر ويخسر الفلسطينيون ويخسر العرب، وتخرج إسرائيل بربح من “السلام” عجزت عن تحقيقه بالحرب، بل بالحروب الماضية كلها.

Exit mobile version