طلال سلمان

على الطريق كل عام وأحلامكم بخير!

كل عام وأنتم، وأحلامكم بخير،
ما قيمة إنسان بلا حلم، وكيف يمكن مجالدة هذا الواقع الكريه بغير التمسك بالأحلام والإصرار على تجاوز الصعب واختراق المستحيل؟!
وأبشع أنواع المستحيل أن يستمر هذا الواقع المزري في لبنان وفي الوطن العربي كله!
ونكون جديرين بالحياة بقدر ما تكون أحلامنا عظيمة، وبقدر ما نحميها من “مقتضيات الأمر الواقع” ودواعي السلامة والسكينة، التي تلغينا وتحولنا إلى قطعان بشرية تسلس قيادها للطاغية والمستبد والمنحرف والمرتكب كما للطامع والغاصب والدخيل.
كل عام وأنتم باحلامكم، بخير، فالحياة بلا حلم جحيم أو عدم وأيام مكرورة بالسقم والتفاهة وافتقاد المعنى. تصور أن تعيش بلا موسيقى ولا زخة عطر ولا ورد ولا ندي ولا فجر ولا لفتة حانية تهزك هزاً فتصيرك غير ما كنت وتخلقك خلقاً جديداً؟!
بين الأحلام أن يستعيد لبنان وحدته وهويته ومكانته ودوره المُفتقد.
وأعظم الأحلام الآن أن تنتهي أزمة الخليج بغير أن تخسر الأمة مستقبلها أو فلسطينها أو عراقها بشعبه وجيشه وقدراته المتميزة.
لكن حلم معمر القذافي أن يكون العام 1991 عام الوحدة العربية، خصوصاً وإنه يجيء بين تاريخين حاسمين (عام الوحدة الألمانية 1990 وعام الوحدة الأوروبية 1992).
وهو قد دعا عبر الملتقى العربي الثوري الديموقراطي، وتبنى المشاركون دعوته، إلى العمل لجعل العام الجديد عام الوحدة العربية، عبر مختلف أنماط العمل الشعبي وأشكاله: من المسيرة إلى الندوة الفكرية، ومن رص الصفوف واستعادة اليائسين واستنهاض المحبطين إلى تجنيد الأجيال الجديدة – وتنويرها بالفكر الوحدوي والتذكير بتراثه الغني في مرحلة النهوض القومي.
ولعل معمر القذافي قد قصد إعادة الاعتبار إلى شعار الوحدة بعد أن تم تهشيمه وتسخيفه بتحويله إلى خرافة أو إلى “فزاعة” أو إلى مهرب من المشكلات الداخلية التي لا تقدر على مواجهتها بعض الأنظمة فترد على العجز محلياً برفع الشعار القومي في المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ.
ولعل إعادة طرح شعار الوحدة الآن بالذات وبعد الأذى الخطير الذي ألحقه الغزو العراقي للكويت بالعمل القومي عموماً، وبحلم الوحدة خاصة، ضرورة ملحة، فلا يجوز أن تحاسب “الفكرة” ويحكم عليها فتدان بسبب من تورط حاكم أو سوء تصرفه أو تمويهه لأهدافه الشخصية في التسلط عن طريق إساءة استخدام الحكم القومي المقدس.
إن فكرة الوحدة أسمى من الأنظمة عموماً، وهي ما زالت الأمل المرتجى لغد عربي أفضل.
إن الوحدة هي فلسطين وهي التقدم وهي العدالة. هي الارتقاء إلى مستوى العصر، من غير تفريط بالتاريخ والتراث، وهي القدرة والقوة والأهلية. هي الرد على حال العجز والاستسلام والتفريط وانعدام الثقة بالذات. هي راية الخروج من دائرة التبعية والالتحاق والاستلاب، وهي الطريق إلى الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان العربي.
وإذا كان النظام العراقي أو غيره من الأنظمة العربية قد “زوّر” باسم الوحدة فاستخدمها ذريعة للغزو، فإن إعادة الاعتبار على الوحدة كفكرة وراية نضالية وخيار للتقدم والمنعة تكتسب في هذا الظرف بالذات أهمية قصوى.
فلا عروبة بلا عرب، ولا عرب بلا قومية. ولا عزة في ظل القطرية والكيانية، وها هم العرب المفتقدون وحدتهم يلجأون إلى الأجنبي ويستقدمون عسكره لكي يحمي بعضهم “القطري” من بعضهم “القطري” الآخر.
وجميل أن يكون معمر القذافي قد بقى على صلة بالثورة عبر الحلم بعد 22 سنة من اقتحامه مراكز السلطة بقوة العروبة وليس بقوة دبابات جيشه الضعيف، آنذاك.
ولن يتبدل واقعنا المهين ما لم نحوّل أحلامنا إلى حقائق وإلى وقائع معاشة.
فلنحم أحلامنا، ولنرفع راياتها توكيداً لجدارتنا بالحياة وبالعصر.

Exit mobile version