طلال سلمان

على الطريق قمة النصف الثاني من الولاية…

… وفي اليوم الأول للنصف الثاني من الولاية كان لا بد من دمشق.
لماذا؟! لم يعد ثمة حاجة إلى التبرير. لقد بات “عملاً روتينياً” أن تلتقي القيادتان، اللبنانية والسورية، دورياً للتنسيق وتبادل المعلومات والاستعداد للتطورات المحتملة مما يمس أمن المنطقة ومستقبلها.
مثل هذا اللقاء بات في صميم العمل السياسي السوري، بقدر ما هو في صميم العمل السياسي اللبناني، وعلى المستويات جميعاً، الداخلي منها والخارجي، الاقتصادي ولاالأمني، العسكري منها والسياسي.
لقد بات لبنان جزءاً من “محليات” سوريا، بقدر ما باتت سوريا معنية بكل شأن من شؤون لبنان، لأنها ستتلقى النتائج، بالسلبي منها والإيجابي.
في واشنطن كما في باريس، في جدة كما في الرباط، في القاهرة كماى في صنعاء، وحتى في الكيان الصهيوني، بات الحديث عن سوريا حديثاً لبنانياً وعن لبنان حديثاً سورياً.
لقد أسقط “الخارج” الحدود، وأخذ يتعامل مع القطرين كوحدة جغرافية – سياسية – أمنية – عسكرية وإلى حد ما اقتصادية.
ولم يعد مثل هذا الواقع العملي يثير من الحساسيات و”الهواجس” ما كان يثيره في ماضي التناحر والتباعد المقصود درءاً لغضب الخارج أو تحاشياً لتفجير الغرائز الريضة في الداخل.
إذن هي قمة النصف الثاني من العهد. قمة السنوات الثلاث الباقيات.
لكأنها قمة ما سيأتي. فالرؤساء الثلاثة يفترضون أنهم، بأشخاصهم، كما بالمؤسسات التي يمثلون، يتجاوزون ما كان، ويطمحون لأن يشتركوا في بناء دولة العهد (بل العهود؟) المقبل (أو المقبلة!).
ليس بين الرؤساء الثلاثة من يشعر أنه مؤقت أو مهدد بالذهاب غداً، أو أنه في موقعه لأجل معلوم. حتى العضو “الجديد” في النادي، الشيرك الثالث، يعتبر أنه وقد جاء أخيراً فإنما جاء ليبقى، بل لعله يرى أن الضرورة التي فرضت ترئيسه تجعله ضمانة ديمومة الآخرين، خصوصاً وقد رسا عليه الالتزام بإعادة بناء “الجمهورية”.
من هنا فإن ثمة منقد يذهب مع إغواء المبالغة إلى حد اعتبارها “أول قمة لبنانية – سورية” مع أن شكلياتها لا توحي بذلك…
لكن هواة الاستثنائية في توصيف أشخاصهم وقدراتهم سيجون ما يعزز ادعاءهم بأن الوفد اللبناني – ولأول مرة؟! – ذهب موحداً وعاد موحداً (وفي طائرة واحدة)…
ومؤكد أن أياً من الرؤساء الثلاثة لم يتصرف، هذه المرة، كسابق عهده في التصرف، حين كان كل طرف ينتظر فرصة للانفراد بالمسؤول السوري للتشكي من “رفيقيه”، أو يتطوع للإيقاع بهما وتحميلهما مسؤولية فشله شخصياً أو العجز عن الإنجاز عموماً.
ومؤكد أن أياً من الثلاثة ليس الآن (على الأقل) في وارد الاستنجاد بالرئيس حافظ الأسد ضد أحدهما أو كليهما.
ماذا عن النتائج؟!
لأن اللقاء على مستوى القمة، وفي دمشق، بات “عملاً روتينياً”، فلم يعد ضرورياً أن تكون له نتائج مدوية. إن حصوله هدف بذاته.
وكلما تواضعت التقديرات والتخمينات حول خطورة الأبحاث والمواضيع التي تناولها اللقاء، كان الاستنتاج أقرب إلى الدقة.
والحمد لله أن الحكم بات يملك طائرة فلم تعد تتعطل مواعيده الحاسمة بسبب قبضة من الثلج على طريق ضهر البيدر.
النصف الثاني من ولاية الياس الهراوي.
الشهر الأول من “ولاية” نبيه بري.
الأسبوع الثالث من “ولاية” رفيق الحريريز
ألا يستأهل ذلك كله احتفالاً حميماً في “قصر الشعب” بدمشق؟!

Exit mobile version