طلال سلمان

على الطريق في ظل الحسين…

على المدى الرحب بين قم ونيويورك ينداح “الظل” ثقيل الحضور والوطأة والدلالة : فسيد الشهداء يشهر نجيعه قاطعاً في وجه القضاة المزيفين في مجلس الأمن الدولي، حيث تعود الكبار أن يقرروا مصائر الصغار وكأن كربلاء ستستمر إلى الأبد للظالم فيها مجد الدنيا وللمظلوم “حق” الشهادة فحسب.
ها هم “الصغار” الآن يقررون نهاية اللعبة الماساوية، ويشهرون دمهم ناصعاً في وجه الأساطيل. يهزون بقبضاتهم دنيا القرن العشرين ويتحدون بأكفانهم أعتى قوة في هذا العصر.
ها هم المعفرة وجوههم بالكد والتعب وهم الرغيف ينتفضون في وجه ناهبي “ثرواتهم وعرقهم بل ورمقهم ويهتفون بهم: قتلاً سنقتلكم ولن نكون بعد اليوم المقتولين.
ها هم المتورمة عيونهم بكاء من حرقة العجز عن مقاومة الظالمين يكتشفون أخيراً مكمن القوة الهائلة في داخلهم، ويفهمون أخيراً كيف بهذه القوة وحدها هزم الحسين وهو شهيد “يزيد” بجيوشه وسلطانه وجبروته وعطشه للدم.
ها هم المجرحة صدورهم بالقهر الذي يملؤها ويدفعهم على تجريحها بالخناجر والسيوف والسلاسل لياسهم وقنوطهم من احتمالات التغيير يتحققون وباليقين أنهم هم هم الذين يغيرون بقدر ما يغيرون ما في نفوسهم، وبقدر ما يؤمنون بأنفسهم ذاتها.
ها هم المشقوقة أسمالهم البالية يكتشفون أنهم ملح الارض، إنهم الأهم، إنهم صناع عروش ظالميهم وقاهريهم فيتحركون لاسترداد عرقهم المنهوب منذ قرون وقرون.
ها هم المستضعفون في الأرض يفجرون غضبهم فإذا الأرض تميد تحت أقدام الطغاة جميعاً، وإذا كارتر نفسه ليس أقوى بكثير من الشاه في مواجهة غضبهم المقدس الممتدة ناره الآن في هشيم “الإمبريالية” ولن يوقفها إلا توقفهم واستعادة خوفهم القديم من “نمر” أدركوا بالمعاينة وبالمعايشة الآن أنه “من ورق” في مواجهة روح الاستشهاد.
إنهم الىن “حسينيون”، ولكنه يملكون الآن – إضافة إلى المثل – عدة النصر : أنفسهم.
وليس بالمصادفة أن “الإيراني” وجد نفسه في “الفيتنامي” كما في “العربي” كما في “الباكستاني” كما في “الأفريقي” كما في الزنجي الأميركي: كلهم في الظلم أخوة، وكلهم رفاق سلاح في المعركة الإنسانية الخالدة والمفتوحة منذ بداية الزمان ضد المفسدين في الأرض.
لقد انتهى زمن “يا ليتنا كنا معكم” بالقرار الشجاع، يمكن تحويل التمني إلى حقيقة. كأنما استفاقوا أخيراً إلى “أنهم” يستطيعون أن يكونوا “معهم” إذا أرادوا… وها هي صفوفهم تتقارب وتندمج “معهم” مفنتتحة صفحة جديدة في تاريخ البشر.
لقد استحضروا “الحسين” وسائر الذين انتصروا على السيوف بدمائهم ليكملوا المسيرة، وليعلنوا نهاية عصر المنفى وسلموا أباذر الغفاري رايتهم ليقودهم إلى النصر المؤزر على من نفاه.
والدرب طويل جداً، لكن المسألة كانت أن يخرجوا إليه من أقبية الذلة والضياع والهوان وطأطأة الرأس خوفاً من سيف الجلاد.
و”الحسين” أولاً وأخيراً قائد ثورة، وهو لا يكون إلا بالثورة وفيها، وهو موجود قطعاً داخل كل ثائر في أربع الارض.
وها هو مثله يحدد لنا العدو بدقة: إنها الإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية ومن معهما ، لا فرق بين عربي وأعجمي، ولا فرق بين منتم لهذا الدين أو ذاك، فالغنسان هو البداية والنهاية وهو هو القضية.

Exit mobile version