طلال سلمان

على الطريق في حمى المملكة!

الحمد لله أن للدين الحنيف “مملكة” ذات قلب كبير وذات عين ساهرة على شؤون المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لا تغفل عن نصرة مظلوم ولا تتوانى عن نجدة مقهور، ولا تتأخر عن إغاثة ملهوف، ولا تنام الليل حتى لا تسأل عن جور وقع فلم ترده أو عن حق ضيع فلم تسنقذه وتعيده إلى صاحبه لينصرف راضياً مرضياًز
الحمد لله أن “المملكة” متنبهة، لا تغفل ولا تنام إلا إذا اطمأنت إلى أن حقوق المسلمين في حرز حريز، وإن سلامتهم مؤمنة مع الكرامة ولو كانوا في أقصى الأرض… فباع “المملكة” طويل، وكلمتها لا ترد وهي حصن الإيمان في وجه الطغاة المتجبرين.
الحمد لله أن “المملكة” قد أسبغت حمايتها الآن على مسلمي البوسنة فأمنتهم من خوف وأطعمتهم من جوع، وما كانوا لولا رعايتها ليبقوا على وجه الأرض شيئاً مذكوراً.
اليوم، وفي ضيافة “المملكة” وبرعاية عاهلها العظيم تنتهي مأساة المسلمين في البوسنة – الهرسك، ويسطر التاريخ صفحات مجيدة بسطور من نور تضاف إلى ما كان سطره من قبل في فلسطين ولبنان ومصر والسودان والعراق والصومال وأفغانستان وطاجكستان وأذربيجان وقرغيزيا وكازاخستان وبلوشستان الخ.
لا الولايات المتحدة الأميركية قدرت، ولا أوروبا مجتمعة تمكنت، ولا الأمم المتحدة و”شرطيها” الدولي مجلس الأمن، نفعت في وقف المجزرة ومنع الإبادة الكلية لذلك النفر من مسلمي الغرب،
كذلك فلا تركيا المدعية الزعامة، ولا إيران الغاصبة القيادة، ولا مصر الفاطمية بتراثها الثقيل نجحت في منع الظالم السفاح من التمادي في غيه،
وحدها “المملكة” قررت ولسوف تنجح بإذن الله العلي القدير،
وبين الذكريات اللبنانية التي لا تنسى أن “المملكة” قد أصرت فقدرت خلال الاجتياح الإسرائيلي لمعظم لبنان وعاصمته بيروت بالذات، أن تجبر الولايات المتحدة الأميركية على إجبار الباغي الإسرائيلي على أن يسمح للمؤمنين في لبنان بالمياه للوضوء، ثم للشرب، خصوصاً وإن اجتياحه الغاشم قد اجتاح أيضاً شهر رمضان المبارك.
بين الذكريات أيضاً أن المملكة ألحت ففرضت على الأميركي أن يفرض على الإسرائيلي أن يزيح دباباته من على الطريق العام حتى لا يراها رئيس وزراء لبنان (المسلم) الذاهب إلى القصر الجمهوري ضماناً لتوكيد الصمود في وجه المحتل.
أما الذكريات الفلسطينية فأغنى بكثير، قبل الانتفاضة ثم خلالها، فالمملكة ومعها من جاراها من جيرانها قد سرحوا الموظفين الفلسطينيين وقطعوا الرواتب عن كل من تخلف منهم فلم يترك الصحراء عائداً إلى أرضه المقدسة ليطهرها من رجس الاحتلال…
ولأنه آت للتطهير فمن الحرام أن يحمل ذهباً أو فضة أو أي من عملات الكفار (الصعبة)، أو حتى من العملات “الإسلامية” لأن ذرة إيمان تعادل قنطاراً من الذهب الأبريز، فما حاجة المؤمن إلى مال قد يفيد منه العدو لإنعاش اقتصاده المتعثر؟!
وحدها “المملكة” تقدر، ووحدها المملكة تلبي النداء،
فهي الوحيدة بين دول الكرة الأرضية التي لا مشاكل لها مع أحد: لا مع الجيران ولا مع الأهل ولا مع الأصدقاء…
إنها دولة بلا عدو!
فعلاقات “المملكة” باليمن سمن وعسل، وبسلطنة عُمان زبدة وقشطة، وبالإمارات الشهد المصفى، أما مع قطر فنموذج للأخوة الحقة حيث لا طمع ولا مطامع لا بأرض ولا بنفط ولا بغاز… كل شيء زائل، كله قبض الريح، ولا يبقى ألا وجه ربك ذو الجلال والإكرام،
وأما مع العراق فالخبر اليقين عن شوارزكوف، وهل بعد بطل “عاصفة الصحراء”، الذي أصر أن يصلي قبل أن يبدأ هجوم الإيمان على الكفر، تبقى حاجة إلى برهان أو بينة؟!
هامش أول: أما وإن الأخوة في البوسنة أصحاب حظوة لدى “المملكة” فإن أخوتهم اللبنانيين يرجونهم أن يتوسطوا للإفراج عن “الصندوق الدولي لإعادة إعمار لبنان”… فشفاعة البوسنيين لا ترد،
هامش ثان: ولعل أصحاب الحظوة من البوسنيين يتوسطنون لأشقائهم في مصر والسودان وسوريا والجزائر وتونس وفلسطين والأردن والعراق واليمن، فينالون بعض الهبات أو المساعدات أو الصدقات أو حتى القروش… إنهم يسألون باستمرار ولا يعطون، فلعل شفاعة البوسنيين تأتيهم ببعض البر، لسد الرمق لا أكثر.
هامش ثالث: فأما الصومال فقد استغنت، إذ انتقل شعبها إلى الدار الآخرة، وهي دار البقاء الأكرم، قبل أن تصل مساعدات المملكة، ولذا قررت الولايات المتحدة الأميركية أن توفد إليها من جندها من يستوطنها، ولقد اختارتهم من “أبنائها” السود حتى لا يؤثر عليهم اختلال المناخ.
هامش أخير: لعل شفاعة الأخوة البوسنيين تنفع أيضاً في إعادة الروح إلى “إعلان دمشق”،
استدراك: يتمنى شعب لبنان على الله سبحانه وتعالى أن تصل مساعدات “المملكة” إلى البوسنة – الهرسك وفيها بعد من يوحد الله،
وفي أي حال يتمنى شعب لبنان لمن تبقى من البوسنيين أن يحظى بنعمة اللجوء إلى هذه “المملكة” الكريمة، حيث يسهل دعمه مادياً ومعنوياً، سياسياً وعسكرياً وثقافياً الخ.
والله ولي التوفيق، من قبل ومن بعد!

Exit mobile version