طلال سلمان

على الطريق فتوى دولية بإسرائيل الكبرى!

أخطر نتائج الخطأ التاريخي الذي ارتكبته الأمم المتحدة قبل ثلاثة أيام، بإلغاء قرارها باعتبارها الصهيونية أحد أشكال العنصرية، إنه قد يكون – غداً – فتوى من الشرعية الدولية بقيام إسرائيلي الكبرى.
إن إلغاء القرار يسقط النتائج المترتبة عليه،
وما دامت الصهيونية قد برئت من تهمة العنصرية فإن “لدولتها” إسرائيل أن تستكمل أسباب سيادتها على “أرضها” التاريخية – التوراتية التي تمتد إلى أبعد بكثير من تخوم الحرب الحالية.
الصهيونية، إذن، ووفق المنطق الأميركي السائد حتى إشعار آخر، حركة تحرر وطني كافح مناضلوها عبر التاريخ حتى حققوا “الاستقلال” على جزء من “أرض إسرائيل”، والفلسطينيون ومعهم سائر العرب كانوا مجرد غزاة ومحتلين لتلك الأرض المقدسة، كالبريطانيين، وقد تم إجلاؤهم بالتعاقب وبالقوة: قوة السلاح وقوة الشرعية الدولية.
لقد أسقطت الشرعية الدولية حرمها عن هذه العقيدة الدينية – السياسية الملتبسة ونفت – بالنالي – عن الكيان السياسي المجسد لمنطقها التوراتي (أي حق شعب الله المختار في أرض الميعاد) شبهة الاغتصاب أو الغزو أو اكتساب أرض الغير بقوة السلاحز
ولكأن الشرعية الدولية قد سلمت بتميز اليهود عن سائر البشر.
اليهود، الآن، وبقوة الشرعية الدولية “فوق البشر” وما يطلبونه هو الحق المطلق ومن يناقشهم فيه عنصري ومعاد للسامية.
لقد جرد القرار الجديد الفلسطيني من آخر حقوقه وحوله من معتدى عليه إلى معتد، ومن مظلوم ومقهور ومضطهد إلى مفتئت وخاطئ وخارج على إرادة الاله التوراتي وعهده القديم، وخارج أيضاً على إرادة الشرعية الدولية وسيدها الأميركي في نظامه العالمي الجديد.
للمناسبة: تبدو إسرائيل وحدها صاحبة حق النقض في النظام العالمي الجديد، ومن موقع الشريك والطرف المقرر.
في ضوء هذا كله يصبح مفهوماً مدى حراجة الموقف الفلسطيني في مفاوضات واشنطن: إنه لا أحد، إنه غير موجود. فالأرض إسرائيلية و”الشعب” أردني ودولته هاشمية وعبر النهر، و”بقاياه” على أرض إسرائيل مجرد “جالية أجنبية” أو رعية لدولة أخرى تخلفت عن الانسحاب مع جيشها المهزوم!
لهذا لا يجد الفلسطيني ما يفاوض عليه، ويمضي ثمانية أيام طوالاً جالساً على مقعد واحد في أروقة وزارة الخارجية الأميركية بواشنطن بين “سيديه” الإسرائيلي والأردني، المتفاهمين عليه علناً.
وأزمته بوجهين أحدهما مر: “فإذا قبلنا (الذوبان في الوفد الأردني) لا نستطيع العودة إلى بيوتنا”، كما يقول واحد من الوفد المفاوض، وإذا ما رفضوا فلن يعودوا أيضاً إلى بيوتهم لأن بيوتهم – بأرضها – إسرائيلية!
ونموذج الفلسطيني هو العرض الإسرائيلي على عرب التسعينات، بقوة الشرعية الدولية، الآن، ودائماً برعاية النظام العالمي الجديد وحيد القطب وموزع الأراضي والخبرات وحقوق الإنسان على من يشاء… حتى يقضي الله أمرأً كان مفعولاً. وفي البداية والنهاية: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير!

Exit mobile version