طلال سلمان

على الطريق غبطة بكركي الدولية !

كل شيء في لبنان “دولي” !
اذا لفتنا جمال الصبية قلنا انه دولي.
واّذا اردنا ان نزكي قائدا سياسيا فذا اكدنا انه “دولي”
كذلك اذا رغبنا في تعظيم الشتيمة لقائد فذ آخر قلنا عنه “انه نصاب دولي” !
فلبنان جاءت به “الدول” وتذهب به “الدول” ونحن مجرد “دلاليل” للقرار الدولي في هذه القضية الدولية بجوهرها وشكلها والتفاصيل !
انتخاب رئيس بلدية عيتا الزط شأن دولي.
وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية قرار دولي.
انتخاب رئيس المجلس النيابي قرار دولي، وبقاء المجلس بلا رئيس مع الرئيس رئيسا بلا مجلس قرار دولي. يدور به سفراء الدول الاجنبية على رموز او ممثلي “الدول” اللبنانية فيتداولون حتى لا تبقى شبهة في “تدويل” الامر ويتم استيلاء القرار الدولي الدال على دالتنا على الدول او على دالة الدول على دولتنا الدولية.
فتح المعابر قرار دولي .
والاقفال قرار دولي. ولا بد ان يدلي كل سفير لدولة بدلوه ليعيد فتحه الى التداول.
الغاز، الطحين، الكهرباء، الماء، المازوت، الذهب ، الليرة ، النفايات ، الرواتب الحكومة، الحكومتان، الجنرال وضابطاه، احتجاز امين الجميل ومصادرة أملاكه، وكذا اطلاق سراحه والسماح له بالسفر.. كل هذه قرارات دولية، منحظنا انها لا تحتاج بعد الى “المؤتمر الدولي” العتيد !
الجلسة في قصر منصور قرار دولي ،
نقلها الى ساحة النجمة قرار دولي مضاد .
التفكير بنقلها الى سباق الخيل قرار دولي ثالث تتخذه مجموعة دول عدم الانحياز لا الى الدولي ولا الى الدولي الثاني .
تحويل بكركي الى “بدل عن ضائع” لمجلس النواب المتعذر عقده لضيق ذات الصدر وضيق ذات المكان وضيق الوقت لاتخاذ القرار الدولي المطلوب ، قرار دولي.
فالبطريرك صفير ، الان ، رئيس دولي لبرلمان مسيحي مدول يتداول في استيلاد مرشح دولي لرئاسة الدولة اللبنانية المدولة ، يعرضه من ثم على الدول الشقيقة والصديقة في لبنان وفي العالم فاذا ما عمدته “دوليا” عن حق وحقيق، تم تجاوز تلك العقبات التي تبدو الان دولية بسحر القرار الدولي الذي لا راد له !
والبطريرك رئيس دولي للطائفة التي تسخر الدول جميعا لخدمتها، لانها مثل المانيا الهتلرية فوق الجميع، ومثل جوزة القيصر فوق الشبهة، ومثل ملكة بريطانيا فوق الحكم .
ولان الطائفة العظمة هي، بوضعها الممتاز، عصارة القرارات الدولية جميعا.
ولات “تعييت” رئيس ماروني جديد للجمهورية هو شأن داخلي – دولي او دولي – داخلي للطائفة التي تختصر بذاتها الدول جميعا.
ولان سائر اللبنانيين ليسوا “دوليينط بالقدر الكافي، ولا تأثير لهم على القرار الدولي، فيكفيهم ان يكونوا شهود حال (حتى لا نقول شهود زور). يسهرون خارج منازلهم في انتظار تصاعد الدخان الابيض من مدخنة بكركي، فاذا ما رأوه صدحوا بالتراتيل : هليلويا ، هليلويا، هليلويا، مبارك الاتي باسم الرب… الرب الدولي. لانه رب الدول جميعا !
ولكن الطائفة العظمة ديموقراطية، من هنا فهي لا تفرض علينا اسما دوليا واحدا ولكنها تعرض ثلاثة او ربما خمسة اسماء دولية، وعلينا ان نضع × على واحد من “دول” فاذا اصبنا ربحنا اللوتو اللبناني الذي يشتي ملايين بينما تشتي السماء “الطين”.
ثم، ما الفرق، دوليا، بين انتخاب بطريرك ماروني جديد او رئيس ماروني جديد… ذاك شأن دولي بلباس الكهنوت وهذا شان دولي بلباس الردينغوت وقبعة مدورة تتوسطها الارزة اللبنانية الخالدة التي جربها فتذوقها وتداولها فاستطابها العالم اجمع !
الم يكن الرئيس الدولي طبعا، وباستمرار، هو البطريرك السياسي، الدولي حتما، للدولة اللبنانية الدولية ؟!.
وماذا في الأمر اذا صار البطريرك الماروني هو الرئيس السياسي لرؤساء دول الطائفة العظمى؟!.
كل الحكاية اننا نعين باسم الدول بدل ان تعين الدول باسمنا.
…والا فأين يذهب العنفوان الذي دالت دولته الا في لبنان؟!.
ثم اين تذهب “الغبطة” التي تمنحك اياها بكركي مجانا ومن دون طلب ؟!.
الازمة في لبنان مؤامرة دولية،
والحل في لبنان قرار دولي،
الطريق “دولي” سواء الى طرابلس ام الى صور، لانه يعبر- في التجاهين- دولا عدة تستند الى قرارات دولية مؤكدة ومعززة كتواقيع السادة الوزراء على الصفقات الدولية !.
والقرار الدولي الان معطل لان بعض الدول مشغولة بانتخاباتها التي قد تقرر مصائر الدول الاخرى.
وبكركي واسعة الباحة والصدر تتسع للدول جميعا، وقادرة على استيعاب الدول جميعا، وقراراتها السرية جميعا.
ثم ان من في بكركي يعرفون اللغات جميعا وهم بارعون في الترجمة الفورية، حتى انهم مصنفون كمترجمين محلفين دوليين.
وفي انتظار ان ينتهي الحوار بين دول الطائفة العظمة وبين الدول الاخرى من حولنا لا نملك غير الصبر والتدخين والدوران في الغرفة المغلقة حتى يؤذن لنا ان نعرف ان دولتنا القديمة قد وضعت دولة جديدة دولية من رأسها حتى اخمص قدميها.
فابتسم، ايها الاخ الدولي، انت في لبنان : دولة الدول جميعا الاك !
لكنك، في أي حال، دولة انت بذاتك، وكل شيء فيك دولي.
وصحيح ان مؤسساتك جميعا قد عطلت : رئاسة الجمهورية، الحكم، الحكومة، الجيش، واخيرا المجلس النيابي، الا ان بكركي تغني عن الجميع، فالدول في بكركي، وبكركي في الدول، وانت في مكان ما بينهما !
صه ! اقطع نفسك، لقد فتحت ابواب بكركي وسيعلن علينا، مباشرة على الهواء، اسم الرئيس الذي انتخبناه حتى قبل ان نعرفه !
ولكننا دوليين، وسنتعود عليه وعلى دولته الوليدة قبل ان يرتد اليك طرفك !
…. ولقد ذكرت بعض الشائعات المغرضة ان اسمه سيكون مسبوقا بلقب “مار” ولكن الدول نفت هذه الشائعة التي فبركها اليسار الدولي الهدام الذي يعارض تدويل الازمة اللبنانية لغرض دولي في نفسه !
وقديما قيل : عند اختلاف الدول احفظ رأسك!
واليوم يقال : وعند اتفاق الدول احفظ رأس دولتك !
… والحمدلله اننا بلا دولة وبلا رأس للدولة، وهكذا فنحن، كما ترلى، بلا هموم ولا هم يحزنون !
فالغبطة تكفينا وتكفيكم، وكفى الله بها المؤمنين شر الانتخاب وقتال الناخبين صغارهم والكبار!

Exit mobile version