طلال سلمان

على الطريق غارة على الثورة

قبل 4 سنوات بالضبط، وفي مثل هذه الأيام من تموز (يوليو) 1973، اقتحمت جماهير الشعب العربي الليبي المتجهة بإرادة الوحدة إلى مصر، بوابة الحدود بين القطرين الشقيقين وهدمتها لتفتح الطريق عريضاً على غد عربي مشرق وواعد بالعزة والقوة والتقدم للانتساب إلى العصر،
واحتلت نقطة “مساعد” مكانها في الوجدان القومي لهذه الأمة حين أكملت “المسيرة الوحدوية” انطلاقها منها لتهدم – بواسطة البلدوزر – الفواصل المصطنعة بين التاريخ والجغرافيا، بين حقيقة المصير الواحد وأساطير الكيانية ومبتكرات الإقليمية “والشخصية المتميزة” لهذا القطر العربي أو ذاك،
قبل 4 سنوات بالضبط، وفي مثل هذه الأيام من تموز (يوليو) 1973، استقبل الرئيس أنور السادات في استراحة القناطر القريبة من القاهرة، وفداً يمثل الشعب العربي الليبي وتسلم منه – بالتقدير والإكبار – الهدية الأثمن والأزكى : عريضة موقعة بدنماء الرجال والنساء في ليبيا تطالب بالوحدة مع مصر وتبايع الرئيس السادات نفسه برئاسة دولة الوحدة العتيدة،
وأمس، ووفقاً لبيان الناطق العسكري المصري، فإن دماء عربية كثيرة قد أريقت على الرمال الفاصلة – الواصلة بين ليبيا ومصر، ليس من أجل الوحدة ولا على طريقها، وليس قطعاً من أجل بيعة جديدة،
من أسف أننا لا نستطيع حتى أن نستغرب الذي حدث أمس في “مساعد” ولـ “مساعد”،
ومن أسف أننا كنا نتوقع مثله، ولعلنا لا نجازف في التشاؤم إذا ما توقعنا ما هو أخطر منه،
إن منطق الأمور يفرض علينا جميعاً أن نتوقع سلسلة من الكوارث القومية حتى تصل الردة ويصل التردي إلى منتهى مداهماً،
فالاستعداد للقبول بسلام أميركي (أو إسرائيلي) يقتضي أن يحارب العرب بعضهم البعض وأن يقتتلوا لكي تمر المؤامرة بنجاح وبغير معوقات.
ومرة أخرى تتأكد تلك البديهية القائلة: متى توقفنا عن قتال عدونا فلسوف نجر فوراً بالقصد أو بالغفلة أو بالتآمر (لا فرق) إلى الاقتتال،
القاعدة محددة: القتال ضد العدو القومي أو الاقتتال الإقليمي أو الطائفي أو العشائري،
وإذا “أضعنا” العدو أو سعينا للصلح معه (وبشروطه) فلسوف نكون مضطرين إلى افتعال عداوات واختلاق أسباب للعراق في ما بيننا لنتذرع بها عن “الضياع” ولندفع بها تهمة الخيانة العظمى… ولو إلى حين.
إن ما حدث أمس خطير،
وأخطر منه ما سوف يترتب عليه من نتائج، إذا ما نجحت الخطة الموضوعة لاستدراج الجماهيرية العربية الليبية إلى موقف يتناقض كل التناقض مع شعاراتها وأهدافها النضالية،

Exit mobile version