طلال سلمان

على الطريق عَـرّبوا لبنان

أمام العرب، ونقصد عرب الثورة والوحدة والاشتراكية، فرصة ثمينة الآن “لتعريب” لبنان.. بقوة السلاح!
ولسوف تكون جريمة أن تضيع هذه الفرصة التاريخية التي يجد فيها لبنان نفسه إلى الجدار: يكون عربياً ،بهذه النسبة أو تلك، فيسلم ويتوفر له الأمل بإنقاذ وجوده ومستقبله، أو لا يكون عربياً، فينهار تحت وطأة الضربات الإسرائيلية المتلاحقة من جهة، ورفضه المسبق والمقصود لانتمائه القومي، من جهة أخرى.
إن لبنان كله، الآن، بما في ذلك نظامه الفريد ومؤسساته الرسمية والشعبية، ملزم بل مكره على مواجهة الحقيقة المرة التي هرب منها طويلاً، وهي أن لا ملاذ له ولا ملجأ ولا ضمانة إلا بانتمائه العربي. ولقد سقطت نهائياً تلك الخرافة التي عمرت دهراً في قصور أهل النظام والمنتفعين به والتي كانت تقول إن سلامة لبنان في لا انتمائه، وفي نفيه تهمة العروبة عن نفسه، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً!
ومن أهم ما اكتشفه لبنان الرسمي من حقائق جديدة، إن حدود لبنان الفلسطينية لا تخصه وحده وإنما هي تخص معه أشقاءه الفلسطينيين والسوريين، وإنه لا يملك – لا عملياً ولا وطنياً ولا حتى قانونياً – حق منعهم من مشاركته الدفاع عن هذه الحدود لأن اجتياحها يمس سلامتهم مباشرة ويهدد مصيرهم ومستقبلهم بمقدار ما يهدد مصيره ومستقبله.
وعندما يؤكد رئيس الدولة، وأمام مجلس الوزراء، الارتباط العضوي بين سلامة لبنان وسلامة سوريا، يصبح من نافلة القول التأكيد على ارتباط سلامة الفلسطينيين بسلامة لبنان وسوريا معاً.
وكائنة ما كانت قوة التيار الانعزالي في لبنان فإن عجزه الفاضح عن طرح حل أو تصور لحل لقضية الجنوب، بأفق وطني، يعريه ويخرجه من دائرة التأثير على الأحداث (وعلى الجماهير).. وأقصى ما يمكنه القيام به هو الدور الذي يلعبه الآن ولو بلا تجاوب كاف: دور المشاغب والمخرب المحدود الفاعلية، معتمداً سلاحه التقليدي وهو التهويل بخطر الاقتتال الطائفي.
ويمكن “للعرب” أن يوجهوا ضربة قاضية لهذا التيار بالتقدم لتحمل مسؤولياتهم القومية حيال لبنان وشعبه كاملة.
إنهم، بخطوة حاسمة في هذا الاتجاه، يقدمون للحركة الوطنية في لبنان، دعماً ثميناً هي بأمس الحاجة إليه في معركتها الداخلية مع القوى والاتجاهات الرجعية الانهزامية.
كذلك فإنهم يقدمون للفلسطينيين زخماً عظيماً بحسم الصراع الداخلي الدائر في أوساطهم بين “الكيانيين” و”الثوريين” الحقيقيين الذين لا يرون لفلسطين وجوداً بغير انتمائها العربي الصريح.
وهم بهذا يقدمون، في الوقت ذاته، خدمة جلى للتيارات الثورية والتقدمية في أقطارهم ذاتها.
فالعروبة، بمضمونها الثوري، علاقة جدلية بين سائر الأطراف العربية: لا يعطيها قطر لآخر، بل تنمو وتتقوى ويتعاظم تأثيرها وفعلها عبر حركة الصراع مع الاتجاهات الإقليمية والانعزالية في القطرين معاً.
بهذا المعنى لا يعود صحيحاً القول أن عبد الناصر قد عرب مصر، وإنما الصحيح أن حركة عبد الناصر الثورية قد عربت العرب. فإذا كان “المصري” قد صار، في عهد عبد الناصر وفي ظله، عربياً، فإن “اليمني” والسوري، والجزائري، والعراقي، واللبناني ” صار هو الآخر “عربياً”. ولم تعد العلاقة تعاملاً بين إقليميات مختلفة، أو بين قومي وإقليميين، وإنما بين قومي في مصر وقوميين في الأقطار الأخرى.
وهكذا فإن تعريب لبنان هو تعريب لكل قطر عربي آخر.. وأساساً للأقطار التي ستساعد على حسم هذه المعركة لصالح قوى الثورة العربية.
كونوا عرباً تجعلوا لبنان عربياً،
أما إذا تصرفتم كإقليميين فلا تتوقعوا من الانعزالية اللبنانية أن تعرب لبنان، والأقطار الأخرى!

Exit mobile version