طلال سلمان

على الطريق عودة الخليج إلى الجامعة؟

هل عاد الخليج إلى الجامعة العربية؟
هل سقط سراب الاستغناء عن الهوية (العربية) بالغنى (النفطي) ووهم الحماية الأميركية؟!
وهل ستكون هذه المؤسسة الكتهالكة قادرة على تجديد نفسها ودورها بحيث يمكنها أن تستعيد “أبناءها الضالين” إلى أحضانها؟!
لقد ثبت، وبالدليل الحسي، إن لا بديل من “جامعة الدول العربية”، على هشاشتها، وهي هشاشة تتحمل الدول العربية المسؤولية المباشرة عنها، بدءاً بمصر (وتحديداً مصر السادات) وانتهاء بأولئك الذين هربوا بثرواتهم بعيداً عن أخوتهم الفقراء مفترضين أن المال – وحده – يمكن أن يكون هو الوطن، فلما دقت ساعة الحقيقة اكتشفوا أن المال – وحده – يلغي الأوطان ولا يوفر دفء الكرامة في الغربة.
“تسأل عن مستقبل مجلس التعاون؟! وهل كان له ماض أو حاضر ليكون له مستقبل؟!
هكذا يجيبك أي مسؤول خليكي رصين، فإذا توغلت في هموم التجربة لم يثبت منها إلا بعض الإجراءات الأمنية، معظمها من طبيعة قمعية ولاسيما في ما يخص الأعلام، وأشهرها إطلاقاً ذلك “التعميم” بوقف التعامل مع مجموعة من الفنانين والمبدعين العرب (المصريين خصوصاً) الذين شاركوا في أعمال لها صلة بمشاعر الناس ووجدانهم ومواقفهم المبدئية.
في أي حال فإن “اقدام” الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبد المجيد على زيارة الخليج خطوة رمزية لكن دلالاتها مهمة جداً في ما لو كانت “عودة” لمباشرة المهمة، وليست مجاملة أو مجرد مناسبة لإظهار التعاطف الشخصي.
فمن حق دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تخوض غمار معركة الدفاع عن الأرض العربية، بعنوان مباشر هو حقها في السيادة على جزرها الثلاث “أبو موسى” و”طنب الكبرى” و”طنب الصغرى” ، أن تحظى برعاية عربية من المؤسسة المجسدة للتضامن، ولو بحده الأدنى.
هذا مع الإشارة إلى أن الإمارات سبق لها أن وثقت النزاع مع إيران حول الجزر العربية لدى الجامعة في مناسبات عدة، بعضها يعود إلى عصر الشاه، وآخرها مع انفجار الصراع مجدداً في التحرس الإيراني الأخير.
للمناسبة فقد يكون ضرورياً أن ينتقل أمين عام مؤسسة التضامن العربي إلى الدولة القريبة لكي يساعد في تضميد الجرح الذي أحدثه التحرش السعودي بدولة قطر الصغيرة والمسالمة والتي – مثل الإمارات – لم تغب عن أي جهد بذل (أو يبذل أو سيبذل) من أجل التضامن العربي.
بل إن من شروط التضامن مع الإمارات في المواجهة القديمة المتجددة مع الأخطاء الإيرانية، أن تبذل الجامعة العربية أقصى ما يمكنها من جهد لدرء المخاطر المستجدة التي تهدد هذا التضامن، وفي الطليعة منها التحرش السعودي غير المبرر بالدولة الخليجية الصغرى التي “من بيت أبيها ضربت” وجاءها الخطر من حيث كانت تفترضه مصدر الأمان.
فلا بد لإسقاط حجة “الغريب” المتهم بالطمع في الأرض العربية من خلق جو من التسامح على قاعدة من العدالة بين العرب أنفسهم بحيث لا يطمع واحدهم في اغتصاب أرض الآخري، خصوصاً وإن أرض “الطامع” السعودي تنداح باتساع قارة كبرى وهي فوق اتساعها تختزن أحد أعظم كنوز الأرض طرا.
وكيف يستطيع النظام السعودي الادعاء بأنه متضامن مع دولة خليجية في وجه الطامع الإيراني بينما هو لا يحاول إخفاء مطامعه في أراضي جيرانه جميعاً من صنعاء إلى الدوحة، مروراً بالإمارات ذاتها والكويت والعراق وسلطنة عمان التي يتهيبها ولكنه يتربص بها حتى إذا أمكنه الظرف السياسي أزاح “حدوده” معها متوغلاً في أرضها لعله، يحظى ببئر نفط إضافية!
فالمعتدي على قطر ليس متضامناً مع الإمارات، بغض النظر عن مبرراته التي تحاول تغطيه الاعتداء بإثارة فتنة بين القبائل التي – ولله الحمد – ما تزال “قومية” لعفويتها وبحكم انتشارها في أرضها الطبيعية فلا تعترف بالحدود التي زرعها الأجنبي ألغاماً يمكن تفجيرها في أي وقت، خصوصاً إذا غلب أي حاكم أطماعه وأغراضه الصغيرة على الروابط الأسرية وعلاقات الأخوة وروابط التاريخ والجغرافيا والدين واللغة والهوية القومية.
إن مهمة عصمت عبد المجيد تبدأ في الدوحة حتى إذا نجحت في الرياض أمكن أن تنجح في أبو ظبي وصولاص إلى “أبو موسى”،
والفرصة متاحة بعد، إلا إذا أجهضها النظام السعودي، كما أجهض من قبل وساطات أطراف ذلك المجلس الذي ولد بالاستفزاز وانتهى بالعجز عن الإنجاز إلا في مجال القمع، قمع الأفراد وقمع الأفكار بحيث أعطى واشنطن شرفاً لا تستحقه في الدفاع عن حقوق الإنسان العربي في أرضه.
وهذه تجربة الكويت شاهد وشهيد.

Exit mobile version