طلال سلمان

على الطريق سلام الضحايا…

هل جاء زمن الاعتراف بأننا جميعاً قد أخطأنا، فأنكر واحدنا الآخر بل وتواطأ عليه، وانساق وراء مراهنات بعضها انتحاري وبعضها الثاني لا يصمد لأول هبة ريح؟!
هل آن أوان التسليم بجراح بعضنا البعض؟!
هلا انتبهنا إلى أن النجدة لن تجيء من خلف البحر “الغربي”، وهو في أي حال لم يحمل إلينا أبداً من يريد لنا وبنا الخير؟!
… وأن الغوث لن يأتي من عمق الصحراء “العربية”، ومن فيها مشغولون دائماً بأنفسهم وثرواتهم ولا يعنيهم من أمرنا إلا أن نبتعد بتطرفنا وتسيسنا وتحزبنا وطوائفنا وطائفياتنا (التي طالما غذوا بعضها) عنهم؟!
هل جاء زمن مصارحة النفس، والاعتراف بالتحولات وبضرورة تقبل التغيير حتى لا يفرض نفسه علينا فرضاً، ونخسر في مقاومتنا العبثية وبالخائبة لحتميته أكثر مما نخسره في حال تقبلناه واستعددنا له بحيث يكون عامل تعزيز للوفاق والوحدة بدل أن يكون عامل تهديد أو تفجير لحلم الوطن؟!
لا يملك أحد منا أن يشمت بالآخر ، وأن يعتبر نفسه رابحاً بما خسره الآخر… فنحن جميعاً بين ضحايا الاختلاف الذي أدخلنا في آتون الحرب وفتح الباب للآخرين أن يدخلوها عبرنا فيقاتلوا بنا.
إن جريمة تفجير الكنيسة مهمة جداً، في توقيتها وفي دلالاتها، لإثبات أن الطائفية تقتل “أصحابها” أولاً، وأنها تدمر ولا تبني، وأنها تسقط الدولة ولا تحميها، وأن الذين كانوا “يحفرون” شارة الصليب على أجساد ضحاياهم من “المسلمين” لم يتورعوا عن تفجير الكنيسة والصليب وصورة المصلوب مع المصلين الصائمين من المسيحيين، ليحققوا غرضاً سياسياً رخيصاً ومستحيلاً كما أثبتت التجارب الدموية العديدة التي “مات” خلالها لبنان ألف مرة؟!
لقد تصرف اللبنانيون وكأنهم كانوا جميعاً في الكنيسة المستهدفة بالتفجير، وإنهم جميعاً على قائمة الضحايا المحتملين، ذلك لأنهم يدركون بخبرتهم العميقة أن “العدو واحد”، وأنه لا يميز بين مسلم ومسيحي (وربما يهودي) إذا قضت مصالحه بذلك… وتاريخ الحركة الصهيونية حافل بوقائع نسف دور عبادة يهودية ومصالح ومجموعات يهودية فيها أطفال ونساء وشيوخ لاتهام “الخصم” (وغالباً ما يكون وهمياً) واستدرار العطف والتأييد والتبرع للحركة الصهيونية التي وحدها ستنقذ اليهود بأن تبني لهم دولتهم… على أرض فلسطين العربية (بالمسلمين فيها والمسيحيين)..
في زمن “سلام الشجعان”، هل آن الأوان لـ “سلام الضحايا”،
وفي زمن استغلال بعض معطيات الصراع الداخلي لتفجير الكيانات، هل جاءت لحظة الانتباه إلى أن الذي يفجر كنيسة بالمؤمنين لن يتورع عن تفجير “كيان” بالمختلفين فيه وعليه؟!
أما آن الأوان لأن ننهي “أسبوع آلامنا” طلباً “لسبت النور” والقيامة بعد الحرب التي أماتتنا ألف مرة في اليوم على امتداد دهر خلناه بلا آخر؟!
أسئلة للتأمل عشية العيد الحزين.

Exit mobile version