طلال سلمان

على الطريق زغرودة.. لعودة المؤسسات!

الحمد لله، فقد انقشعت الغمة وانحسرت عاصفة الاتهامات والإدانات، وفوّض الكبراء أمرهم إلى القضاء ليقول كلمته في ملفاتهم السميكة، وعاد دفء الود الشخصي يذيب الجليد والأحقاد الباردة بين أولي الأمر فينا.
عادت الروح إلى المؤسسات،
وها هي “الترويكا” تستعيد دورها ووظيفتها في إنجاز مشروع بناء الدولة، باعتبارها “أم المؤسسات” جميعاً ومختصرها المفيد.
وها هو رئيس الحكومة يعقد مجلس الوزراء بالمفرق، وعلى مدار الساعة، فيخصص مجلساً كاملاً لكل وزير، تدليلاً على التضامن الحكومي ووحدة الكلمة والصف والموقف والهدف إلخ.
أما النواب الذين لم يقيض لهم أن يستمتعوا بطرح الثقة بالحكومة، فها هم يمارسون دورهم فرادى، والواحد منهم بألف، والرأي هو الرأي سواء أكان تحت قبة البرلمان أم أمام ميكروفونات الإذاعات والتلفزيونات الكاشفة للأناقة والوجاهة والوسامة وصلابة الإرادة.
حتى الليرة عادة ليرة!
وها هو المصرف المركزي يذب عنها الطامعين، ويرد كيد المضاربين إلى نحورهم، ويتصرف مثل قوة التدخل السريع فينزل الدولار الأميركي من عليائه ويمسح به الأرض مسحاً ويحدد له قيمته في ديار العنفوان والكرامة والشعب العنيد: الدولار الواحد بألف وستمائة وخمسين ليرة، لا أكثر!
ولولا الحرص على العلاقات الودية (مقتضيات النفاق اللبناني الخالد) مع الولايات المتحدة الأميركية لجعل الليرة الواحدة بألف وستمائة وخمسين دولاراً أو يزيد: فالأرزة في العلالي دائماً، ومن لا يعجبه الأمر فليضرب رأسه بالحائظ وليعرف أن وراء الليرة من وراءها!
الحمد لله على نعمه، كان الحكم في غيبوبة قصيرة، وها هو قد أفاق سليماً معافى وباشر مهماته في إكمال مسيرته الظافرة لبناء الدولة القومية والقادرة.
أما المسائل التافهة والتفصيلية والثانوية فتستطيع أن تنتظر،
ماذا إذا كانت الأسعار أعلى من القدرة الشرائية، وإذا كانت المرتبات والأجور أدنى مما يكفي لسد الرمق؟!
ماذا إذا كان الفساد يستشري في كل الإدارات والمجالات، وإذا كانت الصفقات مشبوهة والتلفزيمات محسوبيات، والعقارات إقطاعيات؟!
ماذا إذا كانت الأقساد المدرسية ناراً تكوي، والضرائب والرسوم جمراً يشوي، والكهرباء المقطوعة تكلف أكثر من كهرباء دائمة في أغلى عواصم الدنيا؟!
ماذا إذا منعت التظاهرات وقمع الإضراب وسفهت الاعتراضات المشروعة على الغلط، حيثما وقع… وما علاقة الديموقراطية بالضرورات الأمنية؟!
الحمد لله، لقد عادت المؤسسات وسافر الحكم إلى البعيد البعيد! وهكذا ارتاحت البلاد وذهب هم العباد!

Exit mobile version