طلال سلمان

على الطريق دولة الرئيس وكلمته

لغيرنا أن يتساءل عما إذا كان “السلم” المفاجئ في الجنوب هو نقطة النهاية في الحروب العربية – الإسرائيلية… أما نحن فنكتفي بتساؤل أبسط مفاده: هل هذا الذي حدث في الجنوب هو نقطة النهاية، فعلاً، في “الحروب اللبنانية”؟.
إنه العصر الأميركي، وهذه بعض ملامحه وبصماته المحبرة بالنفط العربي الغزير الإنتاج والعائد.
وإذا كانت السيادة شبه مطلقة للأميركان في طول المنطقة وعرضها، فلا عجب إذا ما انعكس الظل الأميركي كثيفاً في الجنوب اللبناني.
على أن ثمة قضية أخرى تطرح نفسها وبإلحاح على هامش هذا “السلم” المفاجئ في الجنوب، حتى إذا تجاوزنا الأسئلة والتساؤلات الكثيرة.
القضية يجسدها ويبرزها ويطرحها هذا الموقف “الثابت” الذي تتخذه “الجبهة اللبنانية” من موضوع المقاومة الفلسطينية،
لم يبق مسؤول في الدولة إلا وأكد التزام المقاومة بتنفيذ اتفاق شتورا (بكل ما فيه) سواء في المخيمات في بيروت وضواحيها أو في المناطق وأخيراً في الجنوب.
مع ذلك تصر “الجبهة اللبنانية” على الاستمرار في حملتها ضد الفلسطينيين عموماً، وضد المقاومة بشكل محدد… تكذب – وبدأب – ما يصدر عن السلطات الرسمية من بيانات، وعن كبار المسؤولين من تصريحات وتأكيدات تفيد بأن لا مشكلة مع المقاومة ولا مع منظمة التحرير ولا مع الفلسطينيين بعامة.
ولقد كان ممكناً أن نفهم حملة “الجبهة اللبنانية” على أنها جزء من تكتكات اللعبة السياسية المحلية إذ ماذا عندها غير هذا تقوله لجمهورها، وماذا لديها من حلول حقيقية للأزمات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى التي يعاني منها اللبنانيون جميعاً، بمن فيهم جمهورها.
غير أن التكتكات في مثل هذا المجال إنما تخدم العدو الإسرائيلي، إذ تبرئه من جريمة اعتدائه الفعلي والمستمر على السيادة اللبنانية، وعلى الأرض اللبنانية، وعلى المواطنين اللبنانيين في الجنوب الصابر.
“الجبهة اللبنانية” تتهم الفلسطينيين
وإسرائيل تعترف، بلسانها ورسمياً، بأنها هي التي تطلق النار وتشن الهجمات العسكرية، ثم تعلن “قبولها” لوقف إطلاق النار وللانسحاب من الأراضي اللبنانية، ثم تمسح بنشر صور لدباباتها “المنسحبة” من الجنوب حيث كانت تشارك في القتال الدائر هناك، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع توقف إطلاق النار في الجنوب، تبادر “الجبهة اللبنانية” فوراً إلى إطلاق النار (سياسياً) في بيروت، محافظة على سخونة الوضع العام. فهي تعرف إنها بتصعيد حملتها على الفلسطينيين (الملتزمين بالاتفاقات وتنفيذها) إنما تصيب جميع المختلفين معها والمعارضين لمنهجها وبهذا يتحقق قصدها وتتعطل مسيرة الوفاق الوطني التي بشر الرئيس الياس سركيس بقرب انطلاقها.
أكثر من هذا :تعود “الجبهة اللبنانية” مجتمعة أو عبر بعض عناصرها، إلى نغمة التدويل، متقصدة الإيحاء بأن الدور البارز الذي لعبته سوريا في لبنان غير كاف لحل “المسألة اللبنانية” برغم أنه يحظى ولا يزال يحظى بتأييد عربي، واسع عكسته وتعكسه بوضوح وقائع السياسة العربية الرسمية الراهنة.
وخلاصة منطق “الجبهة اللبنانية” هي:
لا حل لدى العرب، بل إن الأزمة معهم
ومع أطيب التحيات لقمتي الرياض
والقاهرة.
… وتبقى الكلمة للرئيس الياس سركيس بوصفه المصدر الوحيد للشرعية، والممثل الشرعي الوحيد للدولة وللسلطة (وللعرب بمن فيهم سوريا) في لبنان.
ومن الضروري أن يقول الرئيس سركيس كلمته
والكل ينتظر، الآن، هذه الكلمة التي تكاد تلخص الحكم والحل للمسألة اللبنانية.

Exit mobile version