طلال سلمان

على الطريق دعوة إلى الإنقاذ… بالحوار – 2 – حتى لا نغرق دمشق في التفاصيل ويبرّئ المتشاكون المسؤول الأول عن أزمة الوطن

للمرة الثانية في خلال شهرين اثنين، يتوافد رجالات المسلمين في لبنان على دمشق ليمثلوا أمام “محكمة الصلح” فيها، وقد أعد كل مطالعته: البعض من موقع المجني عليه أو المدعي وذي الظلامة، والبعض الآخر من موقع المدعى عليه والمتظلم، وبعض أخير من موقع المدعي العام… وقد يتواجد بينهم أيضاً من يصلحلدور “شاهد الملك” المستعد لأن يقول كل شيء وأمره لله ورزقه على المحكمة.
وأغلب الظن أن هؤلاء جميعاً يأتون هذه المرة وهم أبأس حالاً مما كانوا قبل شهرين، فالهاجش الأمني تفاقم بدل أن يتناقص، لاسيما بعدما كان في المخيمات الفلسطينية ومن حولها، والقدرة على الوصول إلى تصور مشترك يكون قاعدة ومنطلقاً لمشروع وطني للتغيير والإصلاح باتت أقل بدلاً من أن تتعزز بالحوار الصريح والاتفاق على جدول الأولويات والتحديد القطاع للحلفاء والخصوم وصولاً إلى التفاقم على التكتيك اليومي!
فليس سراً أن العلاقات، حتى الشخصية، بين أطراف هذا اللقاء الإسلامي الموسع تعاني من اختلال بين، وإن بين فوائد قدومهم إلى دمشق إنهم سيتلاقون وسيستأنفون الحوار المباشر، فيها وبواسطتها، بعدما تقطعت أو تكاد تتقطع سبل التلاقي والحوار في ما بينهم حيث يعيشون جميعاً، أي في بيروت.
على أن الأخطر والأهم من معطيات الوضع الراهن في لبنان سيبقى خارج البحث، إلى حد كبير، فإن عرض له البعض، فمن “باب الواجب” أو من باب استكمال الموضوع ليس إلا، وذلك لأن حجم الهواجس والمشاغل والهموم المباشرة التي تقلق أطراف هذا اللقاء لن تترك مساحة اهتمام كافية لأساس الموضوع وجوهره، أي للمسألة اللبنانية بأبعادها كافة، ومن ثم لتصور الحل المرتجى والمفتقد لهذه الحرب الأهلية المفتوحة وكأنما إلى الأبد.
*وأولى المفارقات وأطرفها أن المتهم الأول والمسؤول الرئيسي عن الوضع القائم في لبنان كله، واستطراداً في بيروت، لن يمثل أمام “المحكمة”، وقد لا يذكر إلا عرضاً؟!
لا الحكم، كحكم، ولا الحاكم كشخص، ولاحزب الكتائب بكل دوره في إشعال الحرب الأهلية وتأمين أسباب استمرارها، ولا “القوات اللبنانية” بكل تراثها الدموي في بيروت (الغربية كما الشرقية، والمخيمات كما الأحياء والشوارع جميعاً لمن وهنت ذاكرته فنسي أو تناسى)، وفي الضاحية، ثم في الجبل، وأخيراً لا آخراً شرقي صيدا وعلى الطريق الساحلي جنوباً، من دون أن ننسى الطريق الساحلي شمالاً وصولاً إلى حاجز البربارة الشهير الذي ما يزال يحرّم على رئيس “حكومة الوحدة الوطنية” (ناهيك بأهلنا في طرابلس وزغرتا وإهدن وبشري والضنية وعكار) أن يسلك الطريق الطبيعي بين بيروت وأنحاء الشمال.
… لا الحكم، ولا كل تلك القوى الرديفة والحليفة له ستكون موضع مساءلة أو اتهام، لا عما كان من مآس. وعما سيكون، ولا خاصة عما لم يتم تنفيذه من اتفاقات وتعهدات على امتداد المسافة بين مؤتمر لوزان واتفاق دمشق وصولاً إلى اتفاق بكفيا الذي مات في مهده، وهي بين أبرز أسباب المآسي التي كانت والتي ستكون ما لم يتم تداركها “بالعودة إلى الأصول”.
*ثانية المفارقات المفجعة إن الكل سيثير مشكلة الأمن في بيروت، قافزاً من فوق حقيقة أن أول سبب لاختلال الأمن أو حتى انعدامه هو إن العاصمة ليست واحدة، وإنها لم تكف يوماً عن أن تكون جبهة قتال تفصلها خطوط تماس يمترس من خلفها إلى الشرق، معظم الجيش ومعه “القوات اللبنانية”، ويطلق النار باسم “الشرعية”، وإلى الغرب ميليشيات “أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي ومعها بعض الجيش (اللواء السادس) الذي ما يزال يعيش حالة تمرد على قيادته “الشرعية” كنتيجة لاستمرارغياب الحل السياسي أو الحل الوطني العام، ولغياب التسليم الكامل بشرعية هذه “الشرعية”.
يتصل بذلك أن لبنان ليس واحداً بعد، وإن أنحاء البلاد ما تزال ممزقة بين الطوائف والمذاهب وميليشياتها، وإن الهدوء لم يتوفر إلا حيث يسود لون طائفي واحد يعطي الغلبة – حكماً – للتنظيم الأقوى ضمن الطائفة المعنية، أما حيث يعيش “لبنانيون” من مختلف الطوائف والمذاهب “فالصراع على السلطة” ضمن الحي. وضمن الشارع، وضمن المدينة ككل، مفتوح وسيبقى مفتوحاً في انتظار أن يحسم الصراع الأكبر على “الصيغة السياسية العامة وهي التي يفترض أن تتضمن تحديداً جديداً لمواقع الأطراف جميعاً في “النظام الجديد”!!
*ثالثة المفارقات إن الآتين إلى دمشق، اليوم، لن يتوقفوا طويلاً أمام واقعة محددة وهي إنهم سلكوا طريقاً أخرى غير الطريق الطبيعية (والرسمية) بين بيروت ودمشق.
فطريق الشام، كما يعرفها اللبنانيون منذ قديمالزمان، والتي استمرت هي هي أيام العثمانيين ثم أيام الفرنسيين، ما تزال مقفلة أمامهم اليوم، وبعض مشاكل أطراف اللقاء الإسلامي ومعظمهم في سن الكهولة أو أنه تجاوزها قليلاً (مد الله فيأعمارهم جميعاً) نابعة من اضطرارهم إلى تحمل مشاق السفر على طرق أخرى بديلة، أطول وأعقد وأصعب… كل ذلك في ظل سياسة رسمية يعتمدها الحكم علناً تحت شعار “الأخذ بالخيار العربي”، والسوري على وجه التحديد!!
*رابعة المقارقات ، ولعلها الأكثر خطورة، إنهم أسقطوا من حسابهم الحكم ومسؤوليته عن الوضع في لبنان، وفي بيروت الغربية ذاتها، في حين إنهم – بمجملهم – ما يزالون يسلمون بشرعيته.
وهذا يلقي على دمشق حملاً لا يجوز أن تحمله: فهي تبدو المرجع في حالة الشكوى والتذمر من حالة التسيب الأمني، و”المخفر” الذي يتلقى تظلمات المتظلمين من تجاوزات بعض التنظيمات السياسية المتحالفة مع سوريا، أما إذا طرح موضوع تشكيل حكومة جديدة فإن الطامحين جميعاً إلى رئاستها أو إلى تولي الحقائب فيها فيهرولون إلى القصر الجمهوري في بعبدا (وقد يقصدون دمشق من ثم، لاستدرار تأييدها، أو التمني عليها بعدم الممانعة، أو ربما لتحميلها مسؤولية الفشل من بعدن أن فشلت المحاولة!!)
فلا يجوز أن تبدو دمشق وكأنها المرجع السياسي لأمين الجميل، والمرجع الأمني فحسب لحلفائها وأصدقائها “والمحسوبين عليها” وفق اللغة السائدة.
ولا يجوز قطعاً، وبالمقابل، أن يصبح “التسيب الأمني” في بيروت الغربية وصولاً إلى محنة الجميع في المخيمات ومن حولها، ورقة قوة في يد الحكم على دمشق، وعذراً إضافياً للتملص من تعهداته لها (وللبنانيين) بتحقيق الحد الأدنى من مطالب الإصلاح السياسي… ولقد غطى الحكم على استمرار الوضع الشاذ في الغيتو الكتائبي وعجزه عن حسم موضوع “القوات اللبنانية” وعلاقتها بالحكم وتوجهاته الجديدة، باستغلال “حرب الأشقاء” في المخيمات ومن حولها. وكان لسان حاله على امتداد لقاءاته المطولة، خلال زيارته الأخيرة لدمشق : – لا مشكلة عندي، فدعونا إذن نتعاون على إنهاء المشكلة في، بيروت الغربية!!
وهكذا يبدو، للحظة، وكأن أمين الجميل وأطراف اللقاء الإسلامي يتلاقون على مطلب واحد من دمشق: أن تستخدم عصاها في تأديب حلفائها الأساسيين فيلبنان، بكل ما يتضمن هذا المطلب من خطر تغييب القضية السياسية والمسؤوليات السياسية عن الوضع السائد.
ولا يتعلق الأمر بتبرئة هؤلاء الحلفاء أو إدانتهم، ولكن بإشغال دمشق وإرباكها وإغراقها في مسائل تفصيلية هي، مهما بلغت خطورتها ، بعض النتائج المباشرة لوضع قائم منذ حين، وليست بين أسباب قيامه.
ولا يناقش أحد حق أطراف اللقاء الإسلامي، وسائر القوى، بل والمواطنين أنفسهم، في مناقشة أمور حيوية تمس أمنهم ورزقهم وهناءة عيشهم، كمسألة الأمن في بيروت الغربية. ولكن ما ينتظره الجميع أن نكون لقاءات دمشق أشمل فائدة ، نظراً لدور العاصمة السورية الحاسم والذي لا بديل عنه في إيصال اللبنانيين إلى شاطئ الأمان…
وما يتمناه اللبنانيون هو أن ترتفع المناقشات، في دمشق ومعها، إلى المستوى المطلوب، وأن تعرض للأسباب وتحدد المسببين، لا أن تتعاطى فقط مع بعض النتائج، فيأتي العلاج قاصراً، يسكن ولا يشفي ولا يفتح كوة للضوء والهواء في السرداب الذي نكاد نختنق فيه.
ولن يرضي اللبنانيين، وحتى أهل بيروت وما حولها، أن يعود هؤلاء السادة غداً، وكما عادوا مرة من قبل، بمشروع حل أمني مرتجل ومؤقت لجزء من بيروت، وبمصالحة تحفظ الحد الأدنى من علاقات التحالف المفترض في ما بينهم.
لن يرضيهم أن تقتصر “الحفلة” على أن يتصدى البعض لمحاسبة نبيه بري وحركة “أمل” حول “التجاوزات” و”الارتكابات” وسائر وجوه التسيب الأمني الذي يوظف لتسعير نيران الفتنة المذهبية.
… ولا أن تمتد المحاسبة لتشمل وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي.
ولا حتى أن يثير بعضهم موضوع المخيمات، أو السلاح الفلسطيني، وصولاً إلى الوجود الفلسطيني، ومسؤولية حركة “أمل” واللواء السادس والأطراف الأخرى، وعرفات تحديداً، عن المحنة التي عاشها وعانى منها الجميع وسيعانون طويلاً.
ذلك كله مطلوب ، وفي بيروت أولاً، وقبل دمشق، ولكنه في نظر الكثرة من اللبنانيين بين النتائج لا الأسباب، ثم إن المدخل إلى المناقشة فيه يجب أن يكون صحياً وصحيحاً… ولكي يكون صحياً يجب أن يكون بالضرورة وطنياً لا هو بالطائفي ولا هو بالمذهبي، ولكي يكون صحيحاً يجب أن ينطلق من صميم المسألة ، لا من جوانبها، أي من طبيعة النظام السياسي وصيغته المستقبلية، متخطياً محاولات الترقيع والتستير على مكامن الخلل، وهي محاولات لا تعني غير إدامة الحرب الأهلية في لبنان ككل، وغير توفير مزيد من الذرائع والوقود لنيران الفتنة بين المسلمين على وجه الخصوص.
الصيغة، النظام الساسي، الدولة، الحكم المحقق للتوازن الوطني ولمطامح اللبنانيين والقادر على إدارة الصراع السياسي في البلاد، تلك هي الموضوعات التي يجب أن تحظى بالاهتمام الكافي، وبالجهد الكافي، وبالدراسة الكافية، وبالعمل الجدي والمتصل والذي يشكل أرض لقاء حقيقي بين القوى ذات المصلحة في التغيير جميعاً.
إن لبنان ما بعد الاحتلال الإسرائيلي هو غير لبنان ما قبله بأي حال،
وإذا كان البعض قد رفع هذا الشعار مجتزءاً ومشوهاً للمطالبة بضبط السلاح الفلسطيني، مرة، ولتبرير الانفراد بالقرار في هذه المنطقة أو تلك، مرة أخرى، فإن الدلالات الكاملة لهذه الحقيقة يفترض أن تمتد لتشمل مختلف وجوه الحياة السياسية في البلاد.
فلبنان، اليوم، هو لبنان أكثر عروبة قطعاً، ولا يغيّر من هذه الحقيقة أو ينتقص منها تزايد المرارة في نفوس اللبنانيين وتزايد يأسهم من الأنظمة العربية عموماً، بسبب تخليها عن دورها الطبيعي في المعركة القومية الأم (وهي عنوان تخليها، بشكل عام، عن مطامح الأمة ومصالحها وكرامتها وحقها في خيراتها).
ولأن إحساس اللبناني بعروبته قد تعاظم، من خلال مواجهته المباشرة وبالإمكانات الذاتية المحدودة (معززة بقليل قليل من الدعم العربي). للعدو الإسرائيلي فلقد تنامى لديه الشعور بالجدارة والقدرة على محاسبة الحكام العرب، وباسم المحكومين عموماً… فالأنظمة التي خذلته وهو يواجه العدو بلحم صدره العاري هي هي ذاتها التي منعت وتمنع مواطنيها من أداء دورهم الطبيعي في معركة تحرير فلسطين كما في سائر معارك التحرر القومي والاجتماعي.
ولبنان ما بعد الجلاء الإسرائيلي هو لبنان الذي لا مجال فيه لهيمنة فئة، ولاموقع فيه لمهيمن وصاحب امتياز، مهما كانت الذرائع والحجج والادعاءات المزورة للتاريخ، وبينها على سبيل المثال الخوف من الأكثرية وضمان الذات ضدها برهن البلاد لإرادة الأجنبي، أو حتى العدو، كما فعل حزب الكتائب عشية الغزو وتمهيداً له، مقابل أن يقفز إلى سدة الحكم بقوة مدافع المحتل ودباباته.
ولبنان ما بعد الجلاء الإسرائيلي هو لبنان المستعصي على التقسيم: يكون واحداً كله، أو يزول كله طالما ظل متعذراً انخراطه في دولة الوحدة العربية العتيدة.
ولبنان ما بعد الجلاء الإسرائيلي يكون واحة الديموقراطية (العربية هذه المرة) وموئل الحريات والأحرار، من وطنيين وقوميين وتقدميين ومحافظين ويمينيين، أيضاً، أو لا تكون المبررات كافية لوجوده واستمراره.. فإن لم تكن له مثل هذه الطبيعة تحول إلى مستنقع آسن للطائفيات والمذهبيات تدمر آخر ما تبقى من رموز العمل القومي والوطني ليس في لبنان فحسب، بل في مختلف أرجاء الأرض العربية.
فبعد اليوم سيكون الشعار “لا فضل لمواطن على مواطن إلا بمقدار جهاده ضد العدو الإسرائيلي، لتحرير الأرض، وإلا بمقدار جهده من أجل بناء وطن الحرية والمساواة والتقدم، لتحرير الإنسان”…
وكما أنه ليس من حق أحد احتكار شرف القتال ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، أو تنصيب نفسه وصياً على قضية تحرير الأرض، فليس من حق أحد بالمقابل أن يحتكر شرف العمل الوطني العام، وأن يدعي لنفسه لاعصمة والمعرفة المطلقة بخير الناس وهدايتهم إلى سواء السبيل التي أضاعها الآخرون جميعاً أو ضاعوا عنها فما عادوا يستحقون لا أن يكونوا قيادة ولاحتى أن يكونوا في عداد الرعايا الطائعين الآمنين!
وإذا كان اللبنانيون قد أنكروا على حزب الكتائب تفرده بالسلطة والرأي (أي بالقيادة) في الشرقية واتهموه بالفاشية وسائر التهم اللاحقة بالتفرد والفرض وقهر أصحاب الرأي الآخر، فمن باب أولى أن يطالبوا حاملي راية التصدي لمشروع الهيمنة الكتائبي بأن يؤكدوا صدقهم وجديتهم وذلك يكون – أولاً – بإثبات ديموقراطيتهم وإيمانهم بالحرية كشرط للوطنية وللتوجه القومي.
ثم إنه لا مجال للحديث عن انتماء لبنان القومي في غياب الديموقراطية… وإذا كان حزب الكتائب قد احتاج “الفاشية” لقهر إرادة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وهو يندفع لإقامة التحالف مع العدو الإسرائيلي، فإن هذه الأكثرية ذاتها كانت حريصة على وصول جمهور الكتائب إلى الاقتناع – عبر دروس الحياة ذاتها، كما عبر حقائق العمل السياسي – بحتمية الخيار العربي والحل العربي، للأزمة في لبنان، بوصفه بداية وانتهاء بلداً عربياً هو بعض محيطه العربي.
تلك بعض عناوين المواضيع والمسائل ذات الأهمية التي يتمنى اللبنانيون أن يطرحها القاصدون إلى دمشق على أنفسهم أولاً، وأن يتفقوا على أن يتضمنها برنامجهم المشترك للنضال من أجل حل وطني وديموقراطي للمسألة اللبنانية، برعاية دمشق وبدعم كامل منها ومن سائر العرب الحريصين على عروبة لبنان.
وفي ظل مناخ كالذي يطلقه بحث جدي وعميق لمسائل العمل الوطني والقومي في لبنان، يصبح ممكناً بل ومطلوباً محاسبة الجميع: الحكم والحاكم، الحكومة ومن فيها، الفاعليات السياسية (والدينية) جميعاً، المسلح منها وغير المسلح، القادر وشبه القادر والمتماسك بعد والمتمسك بصحة تمثيله لجمهوره (أو لبعض الأكثرية الصامتة)،
فمن حق اللبنانيين أن يطلبوا من الجميع الحساب، على ما كان وعلى ما سيكون.
ومن حق دمشق أن تسأل هذه القيادات، مجتمعة ومنفردة عما فعلته وتفعله لتأمين النجاح للخيار العربي، والسوري تحديداً، خصوصاً وكلها “يدعي وصلاً بليلى” عبر توكيده شبه اليومي على تحالفه الأبدي مع دمشق وإيمانه المكين بالخيار العربي (والسوري تحديداً).
فإذا ما تم ذلك حصلت معجزة أولى وذلك بتصحيح مسار النقاش، وبات ممكناً بالتالي ترقب معجزات أخرى كبلوغ هذا النقاش غاياته في تحديد ركائز التحالف وبرنامجه السياسي الشامل وخطة عمله وجدول الأولويات فيه وصولاً إلى التكتيكات اليومية.
ولسنا نطلب من الذاهبين للتلاقي أمام “محكمة الصلح” في دمشق أكثر من هذا، في الوقت الحاضر.
أما الباقي فيحتاج مزيداً من الحوار، بهدف الإنقاذ وتحديد ملامح الحل الوطني المرتجى.
وفي غد نتابع هذه المحاولة لتوسيع دائرة الحوار، عبر مناقشة مسؤوليات أصحاب المسؤولية عن وصول الحال إلى ما صار عليه، فإلى الغد.

Exit mobile version