طلال سلمان

على الطريق حق الشيوخ…

لشيوخ الكويت كامل السلطة في أن يمنعوا بعض أو كل الصحف العربية، واللبنانية بشكل خاص، من دخول دولتهم، فهذا حق من حقوق السيادة تمارسه الدول عموماً، وشيوخ الكويت حساسون إلى درجة المرض تجاه كل ما يتعلق بموضوعي الدولة والسيادة.. ولسنا نريدهم إلا أصحاء ومعافين، طالت أعمارهم.
ولشيوخ الكويت أن يدلوا بكل مستظرف من الآراء في كل مستطرف من الأحداث، فحرية الرأي مكفولة لصعاليك القوم، فكيف بالملوك والرؤساء والسلاطين والأمراء والشيوخ الذين توارثوا العرش كابراً عن كابر، وحكموا بالعدل فأعطوا “الشعب” نصيب واحد منهم في النفط ومشتقاته.. ومشتقات النفط، للمناسبة ، كثيرة وخطيرة بينها الذكاء والدهاء والالمعية والعبقرية والأريحية والمروءة والطائية (نسبة إلى حاتم الطائي) والجود والفروسية والأصالة العربية، ناهيك بالشورى والديمقراطية والحلم وسعة الصدر والانفتاح. كل هذا مع تمسك بالدين الحنيف بغير تعصب، وأخذ بأهداب الفضيلة بغير تعنت، والتزام بالعفة بغير تحجر.
ولشيوخ الكويت أن يقرروا ما يصلح لمجتمعهم وما لا يصلح له، بقدر ما يستشعرون في أنفسهم القدرة على ممارسة وصايتهم عليه، وبقدر ما يسشتعر هذا المجتمع في ذاته القصور والحاجة إلى أوصياء.
ولشيوخ الكويت أن يوجهوا صحافتهم، إذا هم استطاعوا وارتضت هي أن يأتيها التوجيه منهم،
تلك كلها حقوق يمارسها شيوخ الكويت فعلاً وقولاً، ولا نسمح لأنفسنا أن ننوب عن شعبنا العربي في الكويت والخليج في مساءلتهم لماذا وإلى متى وبأي سند من الدين أو القانون يفعلون ذلك، ولمصلحة من…
لكن ما ليس من حق شيوخ الكويت، نظرياً على الأقل، هو أن يتهجموا على الصحافة والصحافيين في لبنان، وأن يحاكموها ويدينوها بتهمة المس ليس في ذواتهم الكريمة التي لا تمس، بل في وحدة المجتمع اللبناني وفي قيمه.. ووصلوا في ذلك بالضبط إلى ما وصلت إليه الكتائب: أي تحميل الصحافة مسؤولية المذابح ابتداء من صيدا وانتهاء بالمسلخ مروراً بعين الرمانة وتل الزعتر والشياح!
كذلك ليس من حق هؤلاء الشيوخ، أو غيرهم من حكامنا الأفاضل، أن يلقوا دروساً في الأخلاق، وفي الأخلاق خاصة، على أي كان، وبالذات على الصحافة في لبنان.
للمناسبة، نرانا مضطرين إلى التساؤل: هل من مكارم الأخلاق تأييد الشيوخ ومنافقتهم ومد اليد إليهم، ومن قلة الأخلاق معارضتهم أو انتقادهم أو حتى مجرد تجاهلهم واعتبارهم عارضاً طارئاً في حياة هذه الأمة وتاريخها؟
لقد نقلت الصحف الكويتية ، ومن بعدها وكالات الأنباء، تصريحات لشيخ كويتي مسؤول لا يمكن السكوت عنها وعليها،
وإننا ننتظر أن تتصدى نقابة الصحافة للرد، لأننا لا نأمل في دولتنا العلية، فإذا هي صمتت بدورها تولينا الرد مباشرة على هذا الوعظ الجديد في دنيا السياسة العربية الرسمية التي عمادها مكارم الأخلاق!
أما قرار منع “السفير” من دخول الكويت فهو وسام جديد لنا نعتز بحمله.
… مع عميق أسفنا لانقطاعنا عن شعبنا العربي في الكويت الذي لن نعدم، ولن يعدم، وسيلة في التلاقي لإكمال المسيرة معاً.

Exit mobile version