طلال سلمان

على الطريق حرب بريجنيف؟

في القاهرة لم يكن أحد يتحدث عن زيارة ليونيد بريجنيف بلهجة الجزم والتأكيد القاطع.
كان المواطن العادي يتساءل متشككاً: هل صحيح إنه قادم إلينا بعد كل الذي كان؟ وهل له بعد في القاهرة متسع من مكان، إلى جانب “العزيز هنري” وطيب الذكر نيكسون والصديق الصدوق كمال أدهم؟
وكان المسؤول يعلن بكثير من الحذر إن الموعد لم يتحدد رسمياُ بعد، وإن الاتصالات جارية لتحديده بدقة، وللاتفاق نهائياَ على جدول الأعمال العتيد.
وكان الجو السياسي العام لا يوحي بكثير من التفاؤل في الزيارة ونتائجها، على الرغم من أن باعة الأوهام والمليلارات كانوا منهمكين في “فبركة” وصفات روسية سحرية لأزمات مصر جميعاً الاقتصادية منها والسياسية والعسكرية.
وكان المتصلون بموسكو يقولون إن الثلج فيها أكثر برودة من أي يوم مضى، وإن الزيارة ستكون حدثاً بمستوى الحرب، لو تمت، وحدثا بمستوى الحرب إن لم تتم… حتى لقد انتشرت في الأوساط الشعبية بمصر نكتة موحية تقول: “هي حرب بريجنيف أيمتى”؟
وها إن بريجنيف يعلن إنه لن يجيء.
لكن الحرب آتية لا ريب فيها،
وهذا هو الوجه الأول “للمعضلة” المصرية: فقدوم بريجنيف ضروري للحرب العربية… ولو كانت حرباً من أجل جنيف.
أما الوجه الآخر للمعضلة فيتثل في أن كيسنجر هو الذي سيجيء، قطعاً، الآن ليس فقط من باب التعويض، بل أيضاً لإقناع مصرإنها هي الرابحة وإن خسرت الحرب وبريجنيف وجنيف،
لكن كيسنجر جاء مرات ومرات فنجح – ربما – في أن يبعد الحرب، وفشل تماماً في تقريب السلام… أي سلامز
وحده شبح الاستسلام كان يطل برأسه كلما أطل كيسنجر على المنطقة، ثم يبقى فيها بعد انصراف رفيقه الأثير، يجول في أنحائها ويصول ممتطياً صهوة جواد نفطي أصيل!
ولا أحد يدري الآن كيف سيتصرف الرئيس السادات، وكيف يرد على القرار بإرجاء زيارة الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي،
لكن المراقبين السياسيين يتوقعون أن يكون القرار السوفياتي مدخلاً إلى حرب جديدة تشنها إسرائيل مفيدة من ظروف مصر الصعبة، من جهة، و”هاربة” من الضغط الأميركي المتزايد عليها، من جهة أخرى… فهذا الضغط لا يعطي تنازلاً عن أرض محتلة، ولكنه يعطي فرصة لربح أرض جديدة، أو لفترة جديدة من “السلام الإسرائيلي”.
… مع أطيب التمنيات من واشنطن!

Exit mobile version