طلال سلمان

على الطريق حتى يكون لقاء دمشق سلاماً بين المختلفين بدل الحرب بين متحالفين!

واقعة: اطلقوا النار، أمس، على المصابيح.
أبطال حرب الزواريب لا يحبون النور، في العتم فقط يجدون أنفسهم ويمارسون سيادتهم على المدينة المسكونة بالرعب، الخالية شوارعها إلا من الأحقاد والغرائز والأغراض الصغيرة وشبكات المخابرات الخطيرة ثم الغلط الذي صار هوية ونهجاً لقيادات هذه المرحلة المجيدة.
أطلقوا النار، أمس على المصابيح.
انطفأت، أمس، بالرصاص ذاته، إحدى عيون بيروت. الأميرة والمنارة والنوارة، الكتاب والصحيفة والمطبعة وصحيفة الصباح والفكرة البكر ليست هي ذاتها اليوم بعدما اغتيل فيها، وباسم الاصلاح والتغيير وإنصاف المظلومين ، حسين مروه.
… مع ذلك، سنتجاوز الألم والحزن والمرارة وذلك الشعور الأسود باليأس والإحباط وبالعار كوننا عشنا وشفنا ولكن العجز أقعدنا عن التدخل لوقف المذبحة، فصرنا في موقع شهود الزور، وسنحاول مد البصر إلى أمام بحثاً عن مخرج ما، وسيلة ما، أعجوبة ما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منا كبشر، كشعب، كساحة، كأرض ما تزال لها وفيها بعض سمات الدولة.
على هذا سنفترض إن الجميع قد لبوا دعوة دمشق فقصدوها والتقوا فيها اليوم، برعاية نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام،
وسنفترض إن الجميع، من وليد جنبلاط إلى منير الصياد، ومن نبيه بري إلى سمير صباغ، ومن مصطفى معروف سعد إلى مروان فارس، ومن جورج حاوي إلى عاصم قانصوه، قرروا فجأة أن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية وأن يتساوموا على جراحهم ومصالحهم وارتباطاتهم وأهوائهم، وأن يطرحوا المسائل التي تشغلهم أو تعلقهم وتقض مضاجعهم، فوق طاولة المباحثات بينهم كرفاق سلاح في خندق واحد يقاتلون لقضية واحدة الخ…
لن نتوقف طويلاً عن التبريرات أو التفسيرات أو الذرائع التي سيعطيها المسؤولون أو المعنيون بما جرى خلال الأيام الثلاثة الماضية (حتى لا نقول عن السنوات الثلاث الماضية)،
فالجرح أعمق من أن تخفيه المهاترات، وأشد إيلاماً من أن تسكنه الأكاذيب والاتهامات المتبادلة حول من كان البادئ وأين وكيف ولماذا الخ، والكارثة التي ما تزال تتهددنا جميعاً أخطر من أن ننشغل عنها بالترهات ومباذل الزعماء ومباسطاتهم ونكات التمريك…
سنفترض أيضاً إن هؤلاء القادة الأفذاذ لن تنقصهم الشجاعة الأدبية الضرورية للاعتراف باختلاف المواقف والمواقع إزاء القضايا الأساسية المطروحة، وسيقولون في مواجهة بعضهم البعض، وجميعاً في مواجهة القيادة السورية، ما يقولونه علناً، في الخطب والتصريحات والبيانات، وما جرت العادة أن يتنصلوا من تبعته في “جلسات المصارحة” المغلقة، بحجة “إنه كلام مناسبات” أو “محاولة لامتصاص جو شعبي معبأ بالحقد أو بطلب الثأر”، أو “كلام برسم الاستهلاك المحلي اتخذ طابع المزايدة على الخصوم من المتطرفين حتى لا يسرقوا منا جمهورنا”.
إذا حدث ذلك، وهو مستبعد الحدوث، فإن الجلسة ستكون مرشحة لأن تمتد أياماً، وهذا أمر طيب، إضافة إلى إنه مطلوب وضروري حتى لا تتجدد الحرب المجنونة مباشرة بعد خروجهم من مكتب “أبي جمال” وندفع ثمنها، مرة أخرى، من دمائنا ولحمنا ومن أرزاقنا وأعمار أطفالنا إضافة إلى الطموحات والأحلام السنية؟
فأية مراجعة متأنية لما قالته وعبرت عنه المدافع والبنادق عبر قذائفها ورصاصها تكشف عن عمق الخلاف بين الحلفاء، بحيث يصبح منطقياً أن تذهب ضحية مدينة كبيروت وقضية بين عناوينها حق الشعب الفلسطيني في الحياة، وحق الشعب اللبناني في غد أفضل.
فالحلفاء مختلفون حول المسائل الأساسية الآتية:
1 – الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان.
2 – صيغة الحكم في لبنان المستقبل، وضمنها الموقف من أمين الجميل وورقته المطروحة للمناقشة الآن حول هذه الصيغة.
3 – طبيعة العلاقة بين لبنان وسوريا، أي الترجمة الدقيقة لما تعنيه عبارة “العلاقات المميزة” المطروحة للتداول منذ فترة.
أي إن “الحلفاء” مختلفون حول “الحل” وهل آن أوانه أم لا، وبأية شروط يكون…
كما إنهم غير متفقين على مضمون هوية لبنان العربية ودلالات التزامه بموجبات انتمائه القومي ثم إنهم ليسوا على المسافة ذاتها من “خصومهم” المشتركين، نظرياً، وهذا ما يفسر الاتهامات المتبادلة سراً أو علناً عن “تواطؤ” أو “صفقة” مع “الحكم الماروني” يعد لها بعضهم ويمارسها بعضهم عملياً وإن هو أنكر وجودها.
وبشي من الصراحة يمن القول:
1 – إن حركة “أمل” تتهم حليفها الأساسي وليد جنبلاط بأنه خانها وتركها تواجه وحيدة “الاعتداءات الفلسطينية” عليها، لأنه ما يزال عن ارتباط عملي ومادي بياسر عرفات.
بل إن حركة “امل” تعمم هذه التهمة فتجعلها تشمل الحزب الشيوعي ومعظم قيادات التنظيمات الأخرى، بما فيها بعض أطراف الحركة الأصولية الإسلامية ولاسيما بعض العلماء في بيروت وصيدا إضافة إلى طرابلس.
وفي حركة “أمل” يسخرون من قول وليد جنبلاط إنه إنما اتخذ الموقف المبدئي الطبيعي من شعب فلسطين وقضيته المقدسة حين تبنى شعار “الحفاظ على البندقية الوطنية الفلسطينية”، وصولاً إلى سماحه لمدفعية الفلسطينيين المتمركزين في الجبل بقصف الضاحية وبعض مناطق سيطرة “أمل” في بيروت بحجة حماية المخيمات ومنع سقوطها.
ويقول قياديو “أمل” إن وليد جنبلاط شخصياً، وبعض قيادات حزبه وعسكره، على صلة يومية بجماعة عرفات في لبنان، من عصام اللوح (أو عصام سالم) في صيدا إلى “الأبوات” المتواجدين في مناطق سيطرة الحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت (كالمصيطبة ومار الياس والوتوات الخ)، ودائماً تحت حماية جنبلاىط ورعايته المباشرة،
هذا إضافة إلى العلاقات العلنية بين وليد جنبلاط وبعض القيادات الفلسطينية اليسارية التي لا تخفي صلتها بعرفات، مثل الجبهة الديمقراطية بشكل خاص وبعض قيادات الجبهة الشعبية.
2 – بالمقابل يقول وليد جنبلاط إن حركة “أمل” تورطت في حرب المخيمات لأغراض تتجاوزها وتتجاوز لبنان، وهو يرى إن “أمل” زجت بنفسها وبجمهورها في حرب بلا نهاية، وإنها تحولت إلى أداة في معركة إقليمية ودولية كبرى النصر فيها مستحيل على دول قوية فكيف له على تنظيم مرتجل قام أساساً على تيار عاطفي تتناقض تطلعاته ومصالحه السياسية المحلية مع طموحاته وانتمائه القومي الأصيل.
ويقول جنبلاط، إن نبيه بري لم يستشره ولم يستأنس برأيه وهو ينساق إلى “المؤامرة” فيتورط في حرب المخيمات “التي قد نسلم جدلاً بأن عرفات افتعلها وأرادها لتعويم موقعه ودوره، وليستخدمها في حربه المفتوحة ضد سوريا وقيادتها، فلماذا نتبرع نحن بتحقيق أغراضه؟!”
ويقول جنبلاط أيضاً إن للفلسطينيين، وللوطنيين منهم بنوع خاص، جميلاً في عنقه، فهم قد ساعدوه في معركة الجبل، وساعدوا أيضاً نبيه بري في حرب الضاحية، وإن سلاحهم عموماً قد وظف لخدمة القضية الوطنية في لبنان، ولاسيما بعد 1982، ولا بد بالتالي من حماية هذا السلاح ودوره بوصفه عنصر توازن مع الكتائب و”القوات” المتحالفة مع العدو الإسرائيلي.
3 – وفي حين يتفق نبيه بري ووليد جنبلاط على ضرورة تنظيم الوجود الفلسطيني والسلاح الفلسطيني في لبنان، بحيث لا يعامل الفلسطينيون لا كمرتقة (في الدولة)، ولا كطائفة سابعة يحق لها أن تقيم كانتونها الخاص في المساحة بين بيروت وصيدا، فإن الرجلين يختلفان حول كيفية الوصول إلى تلك الصيغة النموذجية التي ترضي الفلسطيني فتحقق له ذاته من دون أن تخصم من اللبناني سيادته وأمنه.
4 – والشيوعيون، ومعهم بعض القوميين السوريين، ومعظم الناصريين، أقرب إلى موقف وليد جنبلاط منهم إلى موقف نبيه بري، وإن اختلفت النظرة واختلفت الأغراض والمقاصد.
… دون أن ننسى بعض الدكاكين التي أقفلت ذات يوم بالقوة، والتي تجد في اختلاف الحلفاء فرصة للعودة إلى الساحة، راكية موجة المذهبية المضادة لموجة “أمل”، ورافعة في بعض الحالات شعارات قومية تفح منها رائحة الدولار.
أما “حزب الله” فموقفه المبدئي مع الفلسطينيين بالجملة وموقفه العملي موزع، فكتلته الأساسية أقرب عاطفياً إلى حركة “أمل” أما كادراته الفاعلة فمناخها، بحكم التجربة والمعايشة، فلسطيني.
ولعل هذا يفسر التبادل الذي لمسه الناس في التحالفات على الأرض خلال الأيام الثلاثة الماضية:
فلقد اجتمع على قتال “أمل” معظم التنظيمات المسلحة في بيروت، وإن كانت جميعاً قد تحاشت الإعلان عن موقفها، لاسيما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي حرص على القول إنه “مع” الشيوعيين ليتجنب القول إنه “ضد” حركة “أمل”.
5 – من هنا تعزز اعتقاد قيادة “أمل” بأن الهدف المشترك لهذه القوى مجتمعة هو إخراج “أمل” من بيروت، أو محاصرتها وتحجيمها – وهي المنهكة بحرب المخيمات – بحيث يتضاءل ويكاد ينعدم تأثيرها على صيغة الحل العتيد للمسألة اللبنانية.
ومن هنا رأى بعض المتظرفين في أحكامهم في هذا الذي يجري إعادة حرفية لتجربة 1/6/1976، وهي التجربة التي انتصر فيها ياسر عرفات المعزز بمساندة حلفائه في الحركة الوطنية اللبنانية، على سوريا وحلفائها من اللبنانيين والفلسطينيين، فأخرجهم جميعاً من بيروت، بقوة السلاح… وهذا ما أدى إلى تدخل الجيش السوري وتوغله بعد أيام قليلة (في 6/6/1976) داخل الأراضي اللبنانية (البقاع)، قبل أن يتم تشريع دخوله إلى لبنان كله بوصفه العمود الفقري لقوات الردع العربية أثر مؤتمري القمة في الرياض ثم في القاهرة (خريف 1976).
في ضوء هذا التحليل تصبح لمواقف وليد جنبلاط المعلنة في الفترة الأخيرة، تفسيرات ودلالات تصل بها إلى حد اعتبارها إعلاناً للحرب ضد الحل العتيد، وقبله ضد الدور السوري في لبنان، لاسيما في شقه الفلسطيني.
أما وليد جنبلاط فيراها مواقف طبيعية تؤكد “استقلالية القرار الوطني” اللبناني المستند إلى قاعدة سياسية محددة هي “الحركة الوطنية اللبنانية” بصيغتها القديمة بعد ترميمها وتجديد شبابها بالإضافة كما بالحذف، بما يميزها عن حركة “أمل” إلى حد التعارض معها في مسائل أساسية.
7 – من البديهي أن يتمايز موقف نبيه بري ومعه “أمل” من الحل عن موقف وليد جنبلاط وحزبه وحلفائه الذين يتلاقون على معارضة الحل، مشروع الحل المطروح وربما أي حل على الاطلاق.
فحركة “أمل” مع عودة الدولة، بعد تعديلات محدودة في صورة السلطة ومواقعها، لأن الحل “يعطيها” ولا يأخذ منها، في حين إنه “يأخذ” من وليد جنبلاط “دولته” ولا يعطيه في صورته المطروحة الآن للتداول ما يمكن أن يعوضه عنها.
وهو في هذا، على حد ما يتهمه خصومه، يلتقي مع أعداء النظام الايديولوجيين (حزب الله والحزب الشيوعي) كما مع أعداء الدولة (ياسر عرفات والفلسطينيين عموماً)، وكذلك مع المنتفعين بالحرب والذين سيلغيهم السلام (أبطال الزواريب المنبوذين في المجتمع المديني لاسيما المتواجدين في بيروت وفي لبنان بطريقة غير شرعية وغير قانونية والذين وفدوا إليه من أنحاء – عربية – شتى وأعطتهم الحرب هويتهم ومصدر الرزق).
8 – ومع إن نبيه بري ليس أكثر اطمئناناً من وليد جنبلاط إلى نوايا أمين الميل وقدراته، في هذه اللحظة السياسية، فإن التعارض بينهما (ومبعثه أساساً اهتزاز الثقة والشك المتبادل) يصل بكل منهما إلى حد اتهام الآخر بالتواطؤ عليه.
فنبيه بري يقول إنه مع الدولة وليس مع أمين الجميل، لأن عودة الدولة وحدها هي التي توفر الفرصة لاستعادة الجنوب والمهدد الآن بالضياع نهائياً تحت وطأة الاحتلال وافتقاد السلطة الشرعية والقدرة العسكرية والسياسية الكافية لتحريره بقوة السلام.
ووليد جنبلاط يقول إنه ضد أمين الجميل ومن ثم دولته الكتائبية، ويستعيد لغة بدايات الحرب الأهلية والفترة التالية مباشرة للاجتياح الإسرائيلي ليغطي موقفه السياسي الراهن.
ذاك يفترض إن الدولة ستعيد إليه جنوبه، وإن الفلسطيني سيكون سبباً في ضياع هذا الجنوب نهائياً، مستشهداً بوقائع ما قبل الغزو الإسرائيلي، ثم بفضيحة الهرب من مواجهته عندما جاء،
وهذا يفترض إن الدولة ستأخذ منه “إمارته” في الجبل وإن الفلسطيني هو عنصر قوة في مواجهاته مع الصيغ المطروحة، القديمة منها والمجددة، والتي ستتعاطى مع طائفته بعددها، والعدد هنا في غير مصلحته، بينما العكس تماماً هو الصحيح مع نبيه بري، وهو الممنوع عليه على أي حال.
في ضوء هذا كله تتبدى حدود التمايز في موقف الحليفين من سوريا والعلاقة معها.
وبرغم حرص جنبلاط الدائم على التوكيد إن خياره التحالف مع سوريا، منتصرة أو مهزومة، وإنه لا يريد أن يختلف معها مهما كانت الظروف، فإن موقفه العملي يجعله بمثابة خيمة يتلطى تحتها كل خصوم سوريا في لبنان، مفيدين أساساً من مواقفه المبدئية، بغض النظر عن ترجمته الشخصية لها عندما يمارس، بطريقته، اللعبة السياسية.
هذه محاولة لشرح أسباب الخلاف والاختلاف بين الحليفين الأساسيين محلياً واللذين استطاعا بالاستناد إلى تحالف وثيق مع سوريا في المرحلة الماضية، أن يطبعا السنوات الثلاث الماضية بطابع مختلف تماماً عما عرفته وألفته الحياة السياسية في لبنان، حتى خلال الحرب الأهلية.
ولكن السؤال يبقى:
هل من الضروري أن يتخذ إعلان انتهاء التحالف، إذا ما كان قد أدى غرضه وانتفت الحاجة إليه، هذا الطابع الدموي والمدمر؟!
ألا تمكن إعادة صياغة التحالفات السياسية إلا بالمدافع تحصد أرواح الجماهير وأرزاقها وممتلكاتها، وإلا بالشبيحة وبالزعران والقتلة يطوفون على المنازل فيهتكون حرماتها وينهبون ما تبقى فيها باسم الطائفة حيناً، وباسم الوطن حيناً آخر؟
وهل من الضروري أن يدفع هذا الشعب الضريبة مراراً وتكراراً: مرة عند إعلان التحالف، ومرة خلال عهد التحالف، ومرة بل مرات عند اختلال التحالف ثم عند الاتجاه لفرط التحالف؟!
وهل هذا هو الطريق المؤدي إلى “المشروع الوطني للحل الوطني” الذي سيكون أساساً لقيام لبنان العربي الديموقراطي؟! وهل هو فعلاً الطريق الصحيح إلى إنصاف المغبونين والمظلومين والمحرومين في وطنهم ومن وطنهم والمستضعفين في الأرض؟!
… وهؤلاء هم هم الضحايا لمدافع الحلفاء، وهم هم الذين تهدمت أو نهبت منازلهم، وأحرقت أو نهبت مخازنهم وسياراتهم، وضيعت أعمارهم وأجهضت أحلامهم وفرص تحقيقهم لغدهم الأفضل، عندما انتهكت حرمة الجامعات والمعاهد والمدارس وفرض على هيئات التدريس بقوة السلاح أن تعلن نجاح الساقطين والفاشلين والجهلة؟!
ثم هل من الضروري أن تتحقق مطالب شولتس نتيجة لاختلاف الحلفاء، فتصبح بيروت – بالفعل – مدينة القتل والقتلة والإرهاب، يعزلها الأجنبي الطامع بتعطيل مطارها ومنع التأشيرات عن أبنائها، وتعزلها قياداتها الوطنية بإباحتها لمسلحيهم وللعصابات وللأشباح ولأبناء الحرب الذين لا يعرف لهم أصل أو فصل أو دين أو عقيدة؟!
أليس من الممكن تنظيم الاحتلاف طالما تعذر، على امتداد السنوات الماضية، تنظيم التحالف؟!
إنها فرصة أخيرة أمام الجميع، نرجو ألا تضيع هي الأخرى كما ضاع قبلها الكثير وضاع معها وعبرها بعض وطننا وبعض أعمارنا وبعض حقنا في الحياة.
ونأمل، أكثر ما نأمل، في موقف سوري واع ومسؤول وشجاع يواجه الأصدقاء برايه الحقيق فيهم، ويسمع منهم ما يريدونه منه على وجه الدقة والتحديد، ليمكنه، من بعد، وليمكنهم أن يواجهوا أعباء المرحلة المقبلة بلا أوهام.
لقد دفعنا غالياً ثمن التكاذب ومحاولة قلب التمنيات إلى حقائق،
فليكن اللقاء اليوم سعة صدق مع لاذات ومع الآخرين، أو هكذا يجب أن يكون،
والبديل ليس أمين الجميل، بل هو طوفان الخطأ الذين تعالت أمواجه بحيث سيجرف الجميع، ولا يبقى غير طاعون شولتس وغير تحكم حزب الشولتسيين فينا جميعاً، نحن في لبنان، والأشقاء من حولنا.
والبديل أن نتهاوى جميعاً، كما سقط حسين مروة، ولا يبقى في الشارع غير القتلة وغير الضياع وغير آثار القدم الإسرائيلية.

Exit mobile version