طلال سلمان

على الطريق حتى لا يزعل حنوش… تهبّ الرياح على العهد وتحالفاته!

هل أتاك خبر “حنوش”، وهل نالك نصيب من خير “حنوش”، وهو كثير؟!
قد تهز رأسك عجباً، وقد تقلب شفتيك حيرة، وقد تغمض عينيك وتحاول إنعاش ذاكرة واستنهاضها لعلها تستعيد صورة “حنوش” أو بعضاً من ملامحه الضائعة، وقد تنتهي محاولاتك بالفشل، لكن هذا لا ينتقص أبداً من قيمة “حنوش” ومن دوره الخطير الراهن في ربع الساعة الأخير عن عمر الحرب المفتوحة في لبنان وعليه.
هوّن عليك، إن أنت لم تعرف، فقلة قليلة من اللبنانيين تعرف من هو “حنوش”، وإن كانت أكثريتهم الساحقة (ومعهم نخبة من أخوانهم العرب) تعرف عن “حنوش” ولا تنسى “أفضاله”، وتستذكر بالخير كلما جاءت سيرته على لسان بعض “ضحاياه” أو بعض المعجبين بذكائه الخارق.
تسهيلاً لحل اللغز سنقدم في ما يأتي نبذة عن مجهودات “حنوش” لإعادة صياغة مشروع الحل العتيد لأزمة لبنان بحيث، يكون سعادته “رجل المستقبل”، مستكملاً دوره القيادي في الماضي بعد انقطاع أو احتجاب قسري في فترة ما بعد الاجتياح الإسرائيلي والتي يرى إنها انتهت بالحرب المارونية – المارونية – تحت لواء الزعيمين الملهمين ميشال عون وسمير جعجع.
وسنبدأ من النهاية حتى لا نخوض في بحر من التفاصيل المفخخة، أو الذكريات الموجعة والتي قد تعتبر نكا للجراح أو تشهيراً بمن عليهم الآن حصانة الموقع الفخم أو الدور الضروري…
ورأي “حنوش”، الجاري العمل لاعتماده سياسة رسمية اليوم، يتلخص بالآتي:
*إن “غياب” ميشال عون، بالخلع أو بالإسقاط أو بالانضمام إلى حكم الطائف، يحدث خللاً في التوازن السياسي القائم، خصوصاً وإنه سيتم – متى تم – على حساب شعارات ومواقف معلنة كانت على الدوام “عدة الشغل” ومصدر وهج زعامات التطرف الماروني.
*وبما أن التطرف الماروني ضرورة لانتعاش الكيانية اللبنانية وحفظ المسافة مع الانتماء القومي واستمرار الجدل البيزنطي حول هوية لبنان، فلا بد من الاستعداد بما ومن يعوض “غياب” ميشال عون ومنطقه وشعاراته التحيررية الشهيرة.
*وبما أن “القوات اللبنانية” بزعامة النجم السياسي الساطع سمير جعجع، هي الطرف الوحيد المؤهل – تاريخياً وواقعياً – لحفظ “الرسالة” وحمل الراية وضمان استمرار خط التطرف الماروني في مركز القرار.
*وبما أن “القوات” في عهد جعجع مؤهلة وقادرة على تطوير تجربة بشير الجميل، فلا بد من اعتمادها وتكريسها “مرجعية مارونية” من الدرجة الأولى، تأتي بقوة التأثير وبحق التمثيل في السلطة قبل البطريركية المارونية وقبل حزب الكتائب وقبل الزعامات التقليدية (فرنجية، داني شمعون، أمين الجميل الخ).
*وبما أن العرب قد تقبلوا بغير اعتراض جدي، أو أنهم أبدوا استعداداً للتناسي والغفران والقفز فوق حكاية التعامل مع إسرائيل متى تم تمويهها وتغليفها وتحليلها بتمريرها عبر واشنطن بدل أن تكون مباشرة منافرة ومنفرة.
*وبما أن “القوات”، وبالذات منها زعيمها سمير جعجع، قد أثبت كفاءته كمناور، واستحصل على شهادات حسن سلوك من واشنطن ثم من اللجنة العربية الثلاثية،
*وبما أن الظروف الموضوعية تضطر الرئيس الياس الهراوي إلى الذهاب مع دمشق أبعد مما يجب أحياناً، كونها الدعامة الاساسية لحكمه ومصدر التغطية السياسية لحكومته.
*وبما أن “المصلحة الوطنية” تقضي بمساعدة الرئيس الهراوي على “التحرر” تدريجياً من النفوذ السوري، وممارسة قدر من “القرار الوطني المستقل”،
*وبما أن تحجيم النفوذ السوري مطلب “عربي” عام، إضافة إلى كونه مطلباً دولياً، ناهيك بأنه هدف وطني مباشر.
لهذه الأسباب جميعاً وغيرها كثير مما لا يجوز إعلانه فإن “حنوش” قد أعد خطة مضادة “لتحرير” الرئيس والرئاسة والحكم والحكومة ولبنان واللبنانيين تقضي بما يأتي:
** يتركز الجهد على إسقاط ميشال عون لمصلحة “القوات اللبنانية” وبقوة تحالف السلطة الشرعية معها،
** تعامل الشرعية، طالما لم تجهز بتحالفها مع “القوات” وكأنها “ناقصة الأهلية”، فتطعن مرة في صحة تمثيلها للموارنة والمسيحيين، وتطعن مرة أخرى في وطنيتها بأن تصور وكأنها “سورية” بأكثر مما ينبغي،
** يراعى أن تكون لـ “القوات” ومن معها في الحكومة الجديدة الحصة الكبرى، بوصفها ممثل المسيحيين، وفي كل الحالات يجب أن يكون صوتها هو المرجح، وبهذا يتحقق التوازن الوطني للحكم والحكومة، فتنقص الحصة السورية وتزيد بالمقابل حصص القوى الأخرى الداعمة للعهد من السعودية إلى واشنطن (مع التذكير دوماً بأن الحصة الإسرائيلية تكون من داخل حصة واشنطن وعبرها).
وتحقيقاً لهذا الغرض فمن الواجب محاصرة رئيس الجمهورية بهذا المنطق وأصحابه ودعاته، من هنا فإن جميع مراكز الاستشارة والوشوشة والأعلام والتشويش يجب أن تكون في أيدي ثقاة ومضمونين، يختار كل منهم بعناية فائقة وفقاً للملفات المحفوظة بعناية من زمن ما قبل الاجتياح الإسرائيلي.
وإذا حدث وأخطا الرئيس أو بعض محيطه فاعتمد أو استخلص من لا تشهد الملفات بصلاحياته، فمن الضروري العمل “لطرد” هذا الدخيل بأسرع وقت، منعاً للإضرار بالخطة، وتكون الذريعة دائماً: الحرص على العهد،
… وإلا “زعل حنوش”،
وإذا زعل حنوش يكون ثمة خطر على العهد،
فزعل حنوش يخربط معادلة إقليمية – دولية طويلة عريضة،
و”حنوشط يسعى بلا ملل أو كلل ليكون “باب” العهد.
هذا في الظاهر، أما في حقيقة الأمر فهو يسعى لأن يكون “العهد” مجرد جسر عبور لسعادته.
فهو صاحب الخطة ومهندس التحالفات وحامي حمى اللجنة العربية الثلاثية وسياف العهد… خصوصاً وإنه قد تمرن فاتقن لبس الكوفية والعقال والتلفع بالعباءة العربية العزيزة،
ومن قبله قال الشاعر الذي لا شك بلبنانيته:
“ولبس عباءة وتقر عيني
أحب إلي من لبس الشفوف”.
… ثم إن العباءة تضفي على المعلوم غموضاً يجعله أقرب إلى المجهول، وتحيل الشخص إلى ما يشبه الشبح،
فكيف إذا كان “حنوشط شبحاً بحكم التكوين والهواية والدور المطلوب؟!

Exit mobile version