طلال سلمان

على الطريق حتى لا تختنق الطائفة… والطائف في نفق نهر الكلب!

الطائفة العظمى في النفق، محاصرة ومحصورة ومرتهنة لـ “قائدين” و”عَسكرين” يقتتلان على زعامتها من غير أن يعطل الاقتتال تعاونهما على إخراجها من حضن الدولة (دولتها؟!) والشرعية (شرعيتها؟!)، وكلاهما يحاول سحبها إلى المجهول في بيداء الضياع المطلق ولكن تحت لوائه وحده بغير شريك!
الطائفة العظمى في عتمة النفق مهجّرة من ماضيها محيّرة ومشطرة ومنهوكة القوى في حاضرها، أما مستقبلها فتتخطفه السيوف، سيوف العاقين من أبنائها وسيوف “الأعداء” الكثر الذين اصطنعتهم لها قيادتها، وكذلك سيوف الدول التي داخت وهي تحاول فهم ما تريده تماماً هذه الطائفة التي أخذت (أو أعطيت) أكثر مما تستحق فأضاعته حين جعلت نفسها فوق الشعب، فوق الوطن، فوق الأمة وفوق دول الأرض جميعاً: ” لا نطلب اعتراف العالم، بل على العالم أن يطلب اعترافنا به”.
الطائفة العظمى في النفق، وكل الكتابات المنقوشة على صخور نهر الكلب تشهد على خيبتها، في حين كانت تعتبرها (زوراً وبهتاناً) شهادات لها بالشطارة و”الحربقة” وتسخير الدنيا لخدمتها!!
الطائفة العظمى في النفق، وعلى كل من المدخل والمخرج قائد مسخ يخيرها بين الانتحار الجماعي وبين التسليم بقيادته القاصرة التي لن تأخذها إلا إلى الاندثار والموت غرقاً في بحر الكراهية والأحقاد، وهو بحر بلا شاطئ.
من يكون الدكتاتور: ميشال عون أم سمير جعجع؟!
من يكون بطل التقسيم: جنرال العتم أم حكيم الفدرالية؟!
من يكون “جيش الطائفة” : جماعة عون أم رمز المسلحين بقيادة جعجع؟!
والجواب متروك للسلاح. الأقوى هو السيد على مقبرة الطائفة التي كانت ذات امتياز!
الطائفة العظمى في النفق، والدولة معطلة في غيابها، حكمها ناقص الفاعلية وإدارتها عرجاء وجيشها مشلول الذراع… والكل يجلس إلى الإذاعة ليسمع وقائع العراك بين المقتتلين على وراثتها، بل على إلغائها!
عون يتهم جعجع بتأييد اتفاق الطائف، واستطراداً الدولة، فيرد هذا كمن لسعته أفعى: عيب!! عيب هذا الكلام!
عون يقول إن مسلحي جعجع قتلة، فيجيبته “الحكيم” بما يفيد: وأنت نيرون!!
لكن جعجع لا ينزع “اعترافه” بصفة عون و”حكومته” و”شرعية” هذه الحكومة المهيمنة بقوة سلاح “الدولة” المهيضة الجناح على “الشرقية”.
عون “يتحرش” بالسوريين عبر اتصال مباشر ببعض أصدقائهم، طالباً المساعدة للخلاص من الميليشيا المعادية، وجعجع يتحرش بالشرعية وحكمها طالباً التعاون “سراً” للقضاء على “المتمرد” وظاهرته التي تشكل عقبة في طريق الحل!
كلاهما يريد – بمنطق التشاطر الماروني الشهير – أن يسخر الآخرين لخدمة أغراضه الشخصية وبينها تدمير الدولة الواحدة وحفر خندق من الدم مع سوريا (وسائر العرب) بالاستناد إلى “قوة” إسرائيل وحمايتها المباشرة!
جعجع يتهم عون بقتل المسيحيين، فيرد عليه متهماً إياه بقتل المسلمين في بيروت إضافة إلى تهجير المسيحيين من كل مكان ذهب إليه، مذكراً بمذابح إهدن والصفرة والجبل وشرقي صيدا وإقليم الخروب…
وله جواب آخر: هو من اعتمد بالماء والروح، آمن بالمسيح، وحفظ صايا الرب.
… وما هي هذه الوصايا؟
أنا هو الرب الهك، لا يكن لك إله غيري… لا تقتل.. لا تسرق.. أحبب قريبك مثل نفسك.. لا تشهد بالزور.
لقد انطبعت الوصايا العشر في شغاف القلب وسكنت أرجاء النفس، ومهرت الحياة كلها.
…”ثم كبرنا، وتقدم بنا العمر، واعترف الآن بأني لم أمر بتجربة، على مدى أربعة عقود من السنين، كالتي أمر بها منذ خمسة عشر عاماً، وقد بلغت ذروتها القصوى، إلى حد الانفجار الداخلي، منذ عشرة أيام، هي تجربة الصراع بين ما حفظته من مبادئ التعليم المسيحي، وبين ما عاينته، وعانيته، من تصرف جماعة من المسيحيين، خصوصاً الذين يدعون تمثيلهم، وينصبون أنفسهم ناطقين باسمهم، معبرين عن رأيهم، وحماة لهم.
لقد كانت أمي تقول لي: يا بني، اسمعوا أقوالهم، ولا تفعلوا أفعالهم.
نعم، يا أمي، لقد صمدت في إيماني، لأني حفظت وصايا الرب، واقتنعت بوصيتك، ولكن اسمحي لي اليوم، في عيد مار مارون، ومن أعماق رفضي لكل ما جرى ويجري، ولو حظي بتغطية الأحبار الأعظمين، وتساهل البطرسين، وتزكية كل الذين يرفلون في الأرجوان، ويعتمرون التيجان، ويقبضون على الصولجان، اسمحي لي، يا رحمات الله عليك، أن أتوجه إلى هؤلاء مجتمعين، وواحداً واحداً أسأل كلا منهم:
أمسيحي أنت؟
يا صاحب القداسة، وصاحب الغبطة، وكل صاحب سيادة، وكل “قدس اباتي”، حتى أي خوري في آخر رعية.. اعلنوا مواقفكم، أدينوا صراحة كل الأعمال الشائنة التي يرتكبها مسيحيون بالاسم. ولا علاقة لها بالمسيحية.
قولوا، بالفم الملآن، ومواجهة، إن القتلة، السارقين، المارقين، المغتصبين، شهود الزور، المخربين الهدامين، الوالغين في الدماء، هم المسؤولون ، ارفعوا عنهم الغطاء ولا تسايروهم، ولا تتملقوهم، ولا تطلبوا من العوسج عنباً!
قولوا، ولا تصمتوا بعد، إن المسيحية منهم براء، وإن الخطر عليها هو منهم، القوا عليهم الحرم، ورددوا قول المعلم.
اذهبوا عني يا ملاعين، فأنا لا أعرفكم!

Exit mobile version