طلال سلمان

على الطريق بطاقة فيتنامية إلى شهداء 10 نيسان

“يا رفاق السلاح: تحية الثورة وبعد،
في ذكرى استشهادكم يهمنا أن نطمئنكم إلى إننا نكمل معركتكم. إننا نطوق الآن قبور العملاء في سايغون وفنوم بنه. إننا نقترب من يافا وحيفا وعكا وبيت لحم. أنتم تعرفون بتجربتكم إن الثورة تلغي المسافات كما تسقط الحواجز التي أقامتها الاستعمار بدأب بين الشعوب ليوهمها – من ثم – إن خير بعضها لا يتوفر إلا بضرب مطامح البعض الآخر.
إن الثورة واحدة، والثوار وحدة، ورفاقكم الذين ييممون وجوههم شطر فلسطين ويحفرون طريقهم إليها بالبنادق التي لم تصمت بعد، كانوا عوناً عظيماً لنا هنا في جنوبي شرقي آسيا.
كلنا يقاتل من أجل تحرير القدس. وبالتأكيد فإن إخراج اليانكي الأميركي من دانانغ، ثم عميله المحلي، قد سهل لأولئك الفتية الأبطال أن يصلوا إلى هدفهم في قلب تل أبيب وأن يحفروا بالرصاص والدم كلمة فلسطين العربية في البحر والشاطئ والفندق والرمل والنخيل والنزلاء الأغراب، كما في ضمير العالم كله.
وكانت تحية رقيقة منهم أن ينسفوا أحلام كيسنجر في أرضكم وثرواتكم في اللحظة ذاتها التي كانت أحلامه في أرضنا وثرواتنا تتهاوى هنا تحت أقدام مقاتلينا.
إننا نملك ما لا يملكه أعداؤنا مجتمعين، الأجنبي منهم وعميله المحلي: إننا نملك إرادة القتال، إرادة التحرير، إرادة أن نصنع لأطفالنا المستقبل الذي يستحقونه كبشر. إننا نملك تراث سني العذاب والقهر الطويلة. نملك الأصفاد والأحلام الكسيحة. نملك الفقر والتعاسة والشقاء وذل العمر والأماني المجهضة. نملك خيبات الأمل المتكررة بالزعامات والوجهاهات و”رجال الدولة” المعتدلين والأحزاب العاقلة ومهراجات الدين الحكماء!
إننا، بفضل هذا الماضي وبزخمه، نملك كامل الحق في مستقبل لائق بإنسان القرن الحادي والعشرين.
يا رفاق السلاح،
فلتبق بنادقكم مشرعة. فليس غير البندقية لغة مفهومه لسادة العصر الأميركيين ولحلفائهم في أربع رياح الأرض.
وأنتم الأقوى ولو داهمكم الإحساس بالضعف في لحظات المواجهة القاسية مع العدو، والأقسى مع الصديق والأخ، والأقسى وأقسى مع النفس.
أنتم الأقوى حتى عندما تستشهدون، بل لاسيما عندما تستشهدون.
أنتم الأقوى لأنكم القضية: سيفها وصوتها وأغنيتها، رمزها ومصدر وهجها العظيم.
ما أتفه الحاكم مقارناً بصورة شهيد. ليسأل الأطفال كم من أسماء الحكام يحفظون، وكم من أسماء شهداء المقاتلين.
إننا صناع انتصارات الغد. إننا صناع الحياة الأفضل للإنسان في كل أرض. إننا أعظم عشاق الحياة، فدماؤنا هذه التي تسري في شرايينها فتعطيها النبض والتجدد الدائم.
يا رفاق السلاح،
إننا لا نزال نقاتل، إننا نقترب منكم أكثر فأكثر مع كل رصاصة.
إننا نكاد نصل.
فإلى اللقاء في القدس… قبلة الثوار في ظفار وأريتريا والساقية الحمراء، كما في دلتا نهر الميكونغ والمرتفعات الوسطى وأطراف كمبوديا التي تعيش الآن مثلنا ومثلكم لحظة الفجر الجديد”.

Exit mobile version