طلال سلمان

على الطريق انتقام من التاريخ!

من الصعب اعتبارها مجرد مصادفة، ومن سوء الظن اعتبارها انتقاماً من التاريخ وثأراً لدم الجد – المؤسس، لكن من العبث الافتراض أن الملوك يخطئون،
ففي العشرين من تموز 1951 وقع اغتيال الملك عبد الله في المسجد الأقصى بالقدس الشريف، وكان حفيده الفتى الحسين بن طلال إلى جانبه، وقد أصابه شيء من رذاذ الدم المسفوح.
وفي العشرين من تموز 1994 اخترق الاحتلال الإسرائيلي الأرض الأردنية سلماً، وحط وزير خارجية الكيان الصهيوني شمعون بيريز في “الشونة” على الضفة الأردنية للبحر الميت، في أول زيارة رسمية علنية من نوعها، بينما كان وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر يرعى اللقاء التنسيقي الأول بين الدولتين اللتين اكتشفتا الآن مدى التكامل الاقتصادي بينهما ومدى حاجة كل منهما إلى الأخرى.
في الخامس والعشرين من تموز، وفي البيت الأبيض بواشنطن، سيمد الملك حسين يده إلى إسحق رابين لمصافحة تنهي تاريخاً طويلاً من الصراع الدموي والحروب والخراب والدمار،
ولسوف يفترض الحفيد أن الجد حاضر، وإنه إنما يكمل ما كان بدأه السلف الصالح، فهو قد أنقذ العرش مرة أخرى، ووفر له إضافة إلى ضمانات الأمان، بالمعنى العسكري، بوليصة تأمين اقتصادية ألغت ديون الماضي وفتحت الباب لاحتمالات غير محدودة في مجال الازدهار الاقتصادي.
لقد انقضى زمن الحرب، وذهب إلى التقاعد الجنرال رابين ورجل المخابرات بيريز، ومع انتهاء الحرب سقطت الحدود، وسيمد الرخاء الإسرائيلي ظله عبرها إلى الأردن الفقير.
في أقصى الداخل الفلسطيني، وعلى ساحل البحرالآخر، الأبيض المتوسط، في غزة، يتابع ياسر عرفات المشهد وهو يتحرق غيظاً: لو أنني ملك! لو أنه جدي ملك!

Exit mobile version