طلال سلمان

على الطريق المشاركة الممنوعة بالأمر!

لم تصطدم السلطة بالصحافة مرة إلا وكان النصر حليف الصحافة،
ذلك إن الصحافة – على علاتها أو ربما بسبب هذه العلات – هي من صلب هذا النظام اللبناني الفريد، وهي بعض رأسماله وبين مبررات وجوده والرضى الضمني باستمراره.
أما السلطة، في أي عهد، فأشخاص، والأشخاص إلى زوال… وقد يتبرع النظام نفسه بإزالتهم إذا هم بالغوا في خدمته إلى حد استعداء القوى الأساسية التي تمنحه – بالتوازن الدقيق في ما بينها – شرط الوجود والاستمرار.
وليس من حق أي سلطة أو مؤسسة أو جهاز أو مسؤول في هذا البلد أن يمن على الآخرين بنصيبهم من “الحرية” التي يتيحها هذا النظام، فالكل في هذا شركاء وبيوت الجميع من زجاج، والخلل يرتد ضرراً على مختلف القوى “المنتصر” منها و”المهزوم”.
والذي يطمع في أن يكون له من جنة 1976 نصيب لا يمكن أن يختار مصادمة الصحافة طريقاً لتحقيق غرضه هذا.
ولا يعقل أن تربط حرية الصحافة بمزاج هذا المسؤول أو ذاك، أو باتفاقات “الجنتلمان” التي قد يعقدها بعض المسؤولين في ما بينهم ولأغراض لا تمس مصلحة الصحافة، أو مصلحة النظام، ناهيك بمصلحة لبنان الوطن، من بعيد أو قريب.
إن الصحافة لا يمكنها أن تقطع الطرقات بالدواليب والحجارة، ولكن بإمكانها أن تقطع الطريق على أي مرشح للرئاسة، وأن تقطع الطريق على أي باحث عن زعامة على ظهرها تعويضاً عن “هزيمة” معنوية لحقته بسبب سوء تصرفه أو سوء تصرف الآخرين به.
ومرة أخرى، لا نجد أمامنا غير رئيس الحكومة نطالبه بالدفع عن كرامة كلامه (حتى لا نقول كرامته الشخصية)، أما كرامة الصحافة، فالصحافة نفسها كفيلة بصيانتها.
إن هذه المحاكمة الجماعية قد تنتهي بإدانة الصحافة أو بتبرئتها، ولكنها تكون قد حاكمت وأدانت فعلاً رئيس الحكومة…
وليس بمثل هذا الإرهاب تكون المشاركة،
وإذا كان هذا “جزاء” من يمارس المشاركة بالكلام، فكيف يكون جزاء من يمارسها بالفعل؟
تلك هي المسألة؟!

Exit mobile version